القرآن : (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) (٣٨ : ١٠) أسبابا يقصر عنها العلم مهما جال جولته في السماوات والأرض ، فهي إذا اسباب خارقة للعادة ، خفية إلّا لمن أطلعه الله ، وكما أوتي ذو القرنين من كل شيء سببا (فَأَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ ... ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ ... ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ ...) (١٨ : ٨٥ ـ ٩٢) ... مهما كانت لنا أسباب تعمنا أم تخص الخصوص من علماء الأسباب روحيا وماديا (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) (٢ : ١٦٦).
فالعالم بأسره يعيش مثلث الأسباب وإن كان لكلّ أهل ، ولقد تسمّع فرعون أن هناك أسبابا لارتقاء السماوات واشتهى أن يبلغ الأسباب (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) وقد خيّل إليه أنه ربّ الأرض وبيده أسبابها : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) ثم لم يجد في الأرض إله موسى فيبني صرحا يطلعه ليبلغ أسباب السماوات فيطلّع إلى إله موسى ، كأنه كائن في السماء.
وقيلة القائل إن الله في السماء ، فما كان يعرف فرعون مكانة إله موسى ولا مكانه إلّا تعريفا من موسى فأخذ يطّلع إلى إله موسى في السماء؟ إنها قولة زائفة تزيفها تصاريح موسى حول الإله : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ. قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ. قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ. قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ. قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ. قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ. قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) (٢٦ : ٢٩).
فهذه سخافة الرأي من فرعون أن لو كان لموسى إله فلا بد أنه في