السماء ، إذ لا أرى في الأرض من إله غيري ف (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) أن له إلها.
وهكذا يموّه الطاغية فيداور ويحاور علّه يجد مفرا من لجّة الحجة ، ولكيلا يواجه الحق جهرة وصراحا ، ولا يعترف بوجوده فضلا عن وحدانيته التي تهز عرشه وجبروته ، فليس فرعون بالذي يفتش عن إله موسى ، وعلى هذا الوجه المادي الساخر ، اللهم إلّا استخفافا واستهتارا من ناحية ، وتظاهرا بالاطلاع إليه بأسباب السماوات من أخرى ، فلذلك يخرف ويهرف فيما يحرّف ويحرف ، تطرقا بالمحال «أبلغ أسباب السماوات» وإلى محال آكد (فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) ومن ذا الذي يتساءله في تطلّعه وتضلّعه واطلاعه إلى ماذا؟ حيث الجواب سوف يكون : لم أطلع إليه ، أم لم يكن فيما اطلعت ، (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ) موسى «كاذبا» أن له إلها غيري ، أم وجدت في السماء من يدعي أنه إله موسى (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ) إله موسى «كاذبا» فتنتهي الحوار في كيده إلى ميده (وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ) أن زينه الشيطان وعلّه أصبح أشطن من الشيطان! (وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) بما صدّها عن نفسه فانسدت عليه (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) فقد كاد كيده كلّه في الأرض وإلى السماء ولكي يدحض حجة الحق ، ولكنه أصبح في تباب بعد ما آمن السحرة كلهم أجمعون ، وأغرق فرعون بجنوده أجمعين ، غرقا بكيده مرتين و (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ)!
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ)(٣٨).
هنا ـ وقد بلغ من كيد فرعون التوصل إلى اسباب السماوات ـ يستمر الذي آمن بحجته ، كأن لم يتكلم فرعون بشيء ، استخفافا به ولأنه لا جواب لهرائه ، فإنما يعاكس قولة فرعون من قبل (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ