الرَّشادِ) بقوله (يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) واين رشاد من رشاد؟ هكذا يتحداه بكلمة الحق دون ان يهاب سلطانه والمتآمرين معه.
(يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (٣٩) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ)(٤٠).
«إنما» تحصر (هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا) بأنها «متاع» متاع المتعة الفانية ، ومتاع التجارة الباقية (١)(وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ) فخذوا من ممركم لمقركم ، ومن المتعة الفانية تجارة باقية لن تبور.
يبرهن هكذا مرشدا لهم بعد ما أثبت لهم بما أثبت وحدانية الله وحقانية اليوم الآخر ، حيث النصيحة دون برهان لا تفيد الناكر.
ومن عدل الله تعالى يوم الحساب (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) فإنها هي بملكوتها دون زيادة أو نقيصة ، اللهم إلّا بتوبة أو شفاعة أمّاهيه ، وقضية المماثلة بين السيئة وجزائها أنه محدود كما هي فهو متناه كما هي متناهية! (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً) أيا كان (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) دون فارق بينهما إلّا بصالح العمل ، (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) حيث الإيمان ركن لصلاح العمل فهو دونه حابط (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) (٥ : ٥) وإذا كان جزاء السيئة بحساب فثواب الحسنة بغير حساب ، مهما كان لكل حسنة حساب في (بِغَيْرِ حِسابٍ) حيث الجنة من فضل الله ورحمته (٢) والنار من عدل الله ونقمته.
__________________
الدر المنثور ٥ : ٣٥١ ـ اخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان الحياة الدنيا متاع وليس من متاعها شيء خيرا من المرأة الصالحة التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك.
نور الثقلين ٤ : ٥٢٠ ح ٤٨ في كتاب التوحيد حديث طويل عن ـ