له؟ وهو مجاراة مع المشركين أنني وإياكم لا نعلم ـ لأقل تقدير ـ أن لله شريكا ، حيث الآيات آفاقية وأنفسية ليست لتدل له على شريك ، ولا أنه أوحى إلى نبي من أنبيائه أن له شريكا ، واتبّاع غير العلم محظور في كافة الحقول لدى أصحاب العقول ، وأنا أدعوكم إلى ما تقتضيه العقول ، وأنتم تدعونني إلى ما ترفضه العقول ، أنتم تدعونني (لِأَكْفُرَ بِاللهِ) به وبتوحيده (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) وأين دعوة من دعوة!
(لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ)(٤٣)
«لا جرم» : لا بدّ حقا دون ريب (أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) من طواغيت وأوثان (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ) أترى كيف لا دعوة للطاغية في الدنيا وقد وصلت لحد تدعوا دعاته الذي آمن وهو في قمة الإيمان ، والدعوات والدعايات الطائلة المزخرفة للطغاة تملك من كل وسائل الإعلان ما لا تملكه دعاة الحق ، مهما لا يملكون دعوة في الآخرة.
علّ «دعوة» تعم دعوة منه كهذه ولا تحسب بحساب إذ لا تملك أية برهنة ، فليست هي حقا بدعوة ف (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ...) (١٣ : ١٤) لا سواه.
ثم دعوة من أنبياء ، ولم يعهد دعوة من صاحب رسالة ببيناته لطاغوت أو وثن ، بل وهم مجمعون على توحيده (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (٢١ : ٢٥).
فهم ـ إذا ـ آلهة دون رسل داعية! ومن ثم (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ) تستجاب أن تنفّذ أوامرهم كما الله ، إذ لا يملكون في الكون تغييرا ولا تحويرا في كلمة نافذة (أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وأخيرا لا يقدرون على إجابة دعوة