الرسالة» ذلك لمحة أنه عهد إلى كل بني آدم لزاما لهم دونما انفصال على أية حال ، فهو ـ إذا ـ عهد الفطرة ، ولا سيما إذا اكتمل بعهد العقل والشرعة ، حجة مثلثة قاطعة على أصحابها ، مهما كانت الفطرة دونهما ، أم والعقل دون الشرعة ايضا حجة ، مهما بان البون بينهما.
ثم لماذا (لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) الخاصة بعبدة الشيطان دون سائر العصاة من ملحدين أو مشركين أو موحدين من مسلمين وسواهم؟ علّه ليشمل العصاة الأصول في عصيانات هي كعبادة للشيطان! أم وسواها من سائر دركات العصيان ، توسيعا للعبادة لحدّ
(من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس (١).
فطاعة الشيطان بدركاتها عبودية له بدركاتها ، من اتخاذه إلها أو إشراكه بالله ، إلى طاعته في أي عصيان وبينهما متوسطات.
كما وطاعة الرحمن درجات ، عبودية له بدرجات ، فكل طاعة نتيجة عبادة في حدها ف (لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) كجملة مستقلة نهي عن كل طاعة للشيطان في أي عصيان كبيرا او صغيرا ، ولكن صلي الجحيم يخص أصول الكفر والضلالة إلحادا في الله أم إشراكا بالله أماذا من أصل في ضلالة عقائدية أو عملية.
ثم وما يعبد من دون الله ليس إلّا عن عبادة الشيطان ويلحقه كل عصيان مهما تفارقا في الطاعة المطلقة ومطلق الطاعة ، ولكنما المحور الأصيل في (أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) هم الكفار ، وقد تدل عليه إضافة إلى صيغة «لا تعبدوا» هنا (اصْلَوْهَا الْيَوْمَ).
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٣٩١ ح ٧٠ في كتاب اعتقادات الإمامية للصدوق وقال (عليه السلام):.