حيث يتحسر الكافر على ما قدم ... ، ويتحسر المؤمن لما لم يزداد من الخير ... ، وهو يوم تذهل فيه كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى ، وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) (١) ... ، إنه يوم البعث ، فيبعث كل إنسان على ما مات عليه فاحذر أن تموت على معصية ... ، تنظر إلى الحرام ... ، أو تدخن ... ، أو ترتشى ... ، أو تنهر أهلك وأولادك بقسوة وبلا رحمة ... ، " إذا غضب حامل القرآن يقول له القرآن" أما تستحى أنا معك وأنت تغضب؟ اقتد بى تنجو واكرمنى بالطاعة أنجيك من الأهوال ، وأجوزك على الصراط وأدخلك الجنة" (٢) ... ، ولقد كان صلىاللهعليهوسلم لا يغضب ولا يستفذ إلا إذا انتهكت حرمات الله ... ، إنه يوم عصيب ترى الناس فيه يوزعون ، أى يدفع بعضهم بعضا حيث تلاحقهم النار الحاشرة ... ، تدنو الشمس من الرءوس ... ، ويلجم العرق الناس إلجاما ... ، تغلى الرءوس من قرب الشمس حتى يتمنى الناس أن ينصرفوا ولو إلى النار ... ، يقتص الله تعالى فى هذا اليوم من كل ظالم ... ، حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء ... ، فلا يحزن من ظلم ... ، يقال للمظلوم تكلم ... ، والظالم لا تتكلم ... ، (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (٣) (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) (٤) ... ، هناك من يسحبون على وجوههم فى النار ... ، وترى كل أمة جاثية حيث لا تحملهم أقدامهم حين يرون النار (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) (٥) ... ، لها سبعون ألف زمام تجرها الملائكة ... ، وهى ترمى بشرر كالقصر ... ، إنهم يخفون وجوههم بأيديهم من هول ما يرون (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) (٦) ... ، إنه التصوير القرآنى الذى يجب أن يعيشه القارئ والمتدبر لمعانى القرآن الكريم فكل كلمة وضعت فى مكان لا يمكن أن تبدل بغيرها
__________________
(١) سورة الحج الآية ٢.
(٢) ذكر الحديث فى كتاب بستان الواعظين ورياض السامعين لأبى الفرج بن الجوزي تحقيق ـ مجدى محمد الشهاوى ص ٧٤.
(٣) سورة المرسلات الآية ٣٥.
(٤) سورة الرحمن الآية ٤١.
(٥) سورة الفجر الآية ٢٣.
(٦) سورة الشورى الآية ٤٥.