ليلا وهو الرجل السابق ذكره الذى كان يردد هذا الدعاء قبل خروجه إلى عمله ... ، يقول اللص لم أجد بابا لمنزله ، فذهب إلى النوافذ فأقسم أنه لم يجد نوافذ أيضا فأدرك إمام المسجد بركة هذا الدعاء ، وكان هذا الموقف من المواقف الواقعية التى حدثت معه يحكيها فى دروسه للعبرة ... ، ولو عدنا للصدقة نقول إنها أيضا تمنع الحسد ... ، يقول صلىاللهعليهوسلم" اتقوا سم العيون" ... ، لقد حكى لى أحد الناس عن امرأة نظرت إلى إحدى الأنعام التى يمتلكها وبعد لحظات وجدها تكرر دفع رأسها بقوة فى الحائط ... ، ومن نظرت إلى الفطير وهو يخرج من التنور وعند تناوله وجدوه قد أخذ طعما حمضيا ... ، ومن تعجب من إحدى الأنعام التى يمتلكها جاره حيث تدر لبنا كثيرا ، وفى اليوم التالى وجد أنها تدر دما بدلا من اللبن الصافى ... ، فعلى الإنسان ليكمل إيمانه أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه وأن يدرك أن الله تعالى يبغض البخيل ، والعاصى والمتكبر ، ويحب الكريم الطائع المتواضع ... ، يحب الرحماء الراضين ويبغض القساة الحاسدين ... ، وهو سبحانه الصبور يصبر على العصاة حتى يتوبوا ... ، وهناك من سفكوا الدماء ... ، وهناك من ظلموا وأكلوا الأموال بالباطل ... ، وهناك من اعتدوا واغتروا بقوتهم ... ، وهناك من وأدوا البنات أحياء (١) ... ، وهناك من افسدوا وأحرقوا ... ، ورغم ذلك صبر عليهم من قال عن نفسه (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) (٢) فسبحانه فى كل وقت وحين ، وما أرحمه ربا وما أكرمه ... ، خلق سبحانه الإنسان فى كبد ... ، أى فى تعب ومشقة وكفاح حتى يشعر بجمال النعيم والراحة فى الجنة ... ، لقد سئل الإمام أحمد ، متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال : عند أول قدم يضعها فى الجنة ... ، وصدق من قال : النعيم لا يدرك بالنعيم ومن طلب الراحة فاتته الراحة ... ، وبقدر احتمال المشاق تكون الفرحة واللذة ، فلا فرحة لمن لا هم له ... ، ولا لذة لمن لا شقاء له ، ولا راحة لمن لا تعب له ... ، وصبر ساعة خير من عذاب الأبد ... ، ومن الصبر نتعلم الحلم والتؤدة فى السعى وفى كل شىء والصبر من صفات المؤمن المطمئن الواثق بما عند الله ، وأنه الخالق الرزاق ، المجيب ... ، يقول أحد
__________________
(١) كان هذا فى الجاهلية.
(٢) سورة طه الآية ١٠٥.