لا يقال (١) : إنّ في أفراد كلّ نوع من الأنواع الجسمانيّة آثارا مختصّة وعوارض مشخّصة ، لا يوجد ما هو عند فرد منها عند غيره من الأفراد ، ويجري فيها ما سبقتموه من الحجّة ، فهلّا أثبتّم بعد الصور الّتي سمّيتموها صورا نوعيّة صورا شخصيّة مقوّمة لماهيّة النوع؟!.
لأنّه يقال : الأعراض المسمّاة «عوارض مشخّصة» لوازم التشخّص ، وليست بمشخّصة ، وإنّما التشخّص بالوجود ـ كما تقدّم في مرحلة الماهيّة (٢) ـ وتشخّص الأعراض بتشخّص موضوعاتها ، إذ لا معنى لعموم العرض القائم بالموضوع المتشخّص. والأعراض الفعليّة اللاحقة بالفرد مبدؤها الطبيعة النوعيّة الّتي في الفرد تقتضي من الكمّ والكيف والوضع وغيرها عرضا عريضا. ثمّ الأسباب والشرائط الخارجيّة الاتّفاقيّة تخصّص ما تقتضيه الطبيعة النوعيّة ، وبتغيّر تلك الأسباب والشرائط ينتقل الفرد من عارض يتلبّس به إلى آخر من نوعه أو جنسه.
خاتمة للفصل
لمّا كانت الصورة النوعيّة مقوّمة لمادّتها الثانية الّتي هي الجسم المؤلّف من المادّة والصورة الجسميّة كانت علّة فاعليّة (٣) للجسم متقدّمة عليه كما أنّ الصورة الجسميّة شريكة العلّة للمادّة الاولى.
__________________
(١) هذا الإشكال أورده الشيخ الإشراقيّ في حكمة الإشراق ، فراجع شرح حكمة الإشراق (كلام الماتن) : ٢٢٧ ، حيث قال : «والطبائع النوعيّة اعترفتم بأنّها أتمّ وجودا من الأجناس ، ولا يتصوّر فرض وجودها دون المخصّصات ، فإن كانت مخصّصات الجسم صورا وجوهرا لأجل أنّ الجسم لا يتصوّر دون مخصّص فمخصّصات الأنواع أولى بأن يكون جوهرا ، وليس كذا ، فيجوز أن يكون المخصّص عرضا».
(٢) راجع الفصل الثالث من المرحلة الخامسة.
(٣) لا يخفى أنّها ليست علّة فاعليّة بمعنى أنّها مفيضة لوجودها ، كما مرّ. قال بعض الأساتيذ من تلامذة المصنّف : «وقوله : (علّة فاعليّة) احتراز عن العلّة المادّيّة الّتي تكون للمادّة بالنسبة إلى الجسم. وعلّيّة التشخّص الّتي هي لها بالنسبة إلى الصورة. وقوله : (متقدّمة عليه) يعني : التقدّم بالعلّيّة لا بالزمان». تعليقة على نهاية الحكمة : ١٥٦.