الفصل الأوّل
في أنّ الماهيّة (١) في حدّ ذاتها لا موجودة
ولا لا موجودة
الماهيّة ، وهي : «ما يقال في جواب ما هو؟» ، لمّا كانت ـ من حيث هي وبالنظر إلى ذاتها في حدّ ذاتها ـ لا تأبى أن تتّصف بأنّها موجودة أو معدومة كانت في حدّ ذاتها لا موجودة ولا لا موجودة ، بمعنى أنّ الموجود واللاموجود ليس شيء منهما مأخوذا في حدّ ذاتها بأن يكون عينها أو جزءها وإن كانت لا تخلو عن الاتّصاف بأحدهما في نفس الأمر بنحو الاتّصاف بصفة خارجة عن الذات.
وبعبارة اخرى : الماهيّة بحسب الحمل الأوّليّ ليست بموجودة ولا لا موجودة (٢) ، وإن كانت بحسب الحمل الشائع إمّا موجودة وإمّا لا موجودة (٣).
__________________
(١) الماهيّة مشتقّة عن «ما هو». والياء فيها للنسبة ، أي المنسوبة إلى ما هو.
وأمّا في الاصطلاح فتطلق على معنيين :
أحدهما : ما به الشيء هو هو. وتسمّى : «الماهيّة بالمعنى الأعمّ» لأنّها تعمّ الموجودات ، حتّى الواجب تعالى ، فإنّ المراد منها هويّة الشيء وكنهه ، وللواجب تعالى هويّة خفيّة. كما قال الحكيم السبزواريّ : «وكنهه في غاية الخفاء».
ثانيهما : ما يقال في جواب ما هو. وتسمّى : «الماهيّة بالمعنى الأخصّ» ، لأنّها تختصّ بالممكنات. وهي الّتي انعقدت هذه المرحلة لبيان تعريفها ولواحقها.
(٢) أي : مفهوم الإنسان ـ مثلا ـ هو مفهوم الإنسان ، وليس بمفهوم الوجود ، لا ومفهوم لا وجود.
(٣) بمعنى أنّ الحمل الشائع قيد لنفس الماهيّة وكان المراد مصداقها ، فيقال : «الماهيّة بالحمل الشائع إمّا موجودة» أي مصداق الماهيّة موجود «وإمّا لا موجودة» أي وإمّا مصداقها ليس بموجود.