الفصل الأوّل
في المقولات وعددها
لا ريب أنّ للموجود الممكن ماهيّة هي ذاته الّتي تستوي نسبتها إلى الوجود والعدم ، وهي ما يقال في جواب «ما هو؟». وأنّ في هذه الماهيّات مشتركات ومختصّات ـ أعني الأجناس والفصول ـ. وأنّ في الأجناس ما هو أعمّ وما هو أخصّ ، أي إنّها قد تترتّب متصاعدة من أخصّ إلى أعمّ ، فلا محالة تنتهي السلسلة إلى جنس لا جنس فوقها ، لاستحالة ذهابها إلى غير النهاية المستلزم لتركّب ذات الممكن من أجزاء غير متناهية ، فلا يمكن تعقّل شيء من هذه الماهيّات بتمام ذاتيّاتها ، على أنّ هذه الأجناس باعتبار أخذها بشرط لا موادّ خارجيّة أو عقليّة ، والمادّة من علل القوام ، وهي متناهية ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى (١).
فتحصّل : أنّ هناك أجناسا عالية ليس فوقها جنس ، وهي المسمّاة ب «المقولات» (٢).
ومن هنا يظهر :
أوّلا : أنّ المقولات بسائط غير مركّبة من جنس وفصل ، وإلّا كان هناك جنس أعلى منها ، هذا خلف.
__________________
(١) في الفصل الخامس عشر من المرحلة الثامنة.
(٢) والوجه في تسميتها بالمقولات أنّها تحمل على الأشياء حملا ذاتيّا ، ولا يحمل عليها شيء كذلك ، لأنّه ليس فوقها جنس.