الفصل السادس
في تقابل التناقض
وهو تقابل الإيجاب والسلب ، كقولنا : «زيد أبيض ، وليس زيد بأبيض» ، أو ما هو في معنى الإيجاب والسلب من المفردات ، ك «الإنسان واللاإنسان» و «العمى واللاعمى» و «المعدوم واللامعدوم».
والنقيضان لا يصدقان معا ولا يكذبان معا. وإن شئت فقل : لا يجتمعان ولا يرتفعان. فمآل تقابل التناقض إلى قضيّة منفصلة حقيقيّة هي قولنا : «إمّا أن يصدق الإيجاب وإمّا أن يصدق السلب». فالتناقض في الحقيقة بين الإيجاب والسلب.
ولا ينافي ذلك تحقّق التناقض بين المفردات ، فكلّ مفهوم أخذناه في نفسه ثمّ أضفنا إليه معنى النفي كالإنسان واللإنسان والفرس واللافرس تحقّق التناقض بين المفهومين. وذلك أنّا إذا أخذنا مفهومين متناقضين ـ كالإنسان واللاإنسان ـ لم نرتب أنّ التقابل قائم بالمفهومين على حدّ سواء ، فالإنسان يطرد بذاته اللاإنسان ، كما أنّ اللاإنسان يطرد بذاته الإنسان. وضروريّ أنّه لو لم يعتبر الثبوت والوجود في جانب الإنسان لم يطارد اللاإنسان ولم يناقضه ، فالإنسان واللاإنسان إنّما يتناقضان لأنّهما في معنى وجود الإنسان وعدم الإنسان ، ولا يتمّ ذلك إلّا باعتبار قيام الوجود بالإنسان. وكذا العدم ، فالإنسان واللإنسان إنّما يتناقضان لانحلالهما إلى الهليّتين البسيطتين ، وهما قضيّتا «الإنسان موجود» و «ليس الإنسان بموجود».