ونظير الكلام يجري في المتناقضين : «قيام زيد» و «لا قيام زيد» فهما في معنى وجود القيام لزيد وعدم القيام لزيد ، وهما ينحلّان إلى هليّتين مركّبتين ، هما قولنا : «زيد قائم» ، وقولنا : «ليس زيد بقائم».
فتقابل التناقض بالحقيقة بين الإيجاب والسلب ، وإن شئت فقل : بين الوجود والعدم ، غير أنّه سيأتي في مباحث العاقل والمعقول (١) ـ إن شاء الله تعالى ـ أنّ العقل إنّما ينال مفهوم الوجود أوّلا معنى حرفيّا في القضايا ، ثمّ يسبك منه المعنى الاسميّ بتبديله منه وأخذه مستقلّا بعد ما كان رابطا ، ويصوّر للعدم نظير ما جرى عليه في الوجود. فتقابل التناقض بين الإيجاب والسلب أوّلا وبالذات وبين غيرهما بعرضهما.
فما في بعض العبارات من نسبة التناقض إلى القضايا ـ كما في عبارة التجريد : «إنّ تقابل السلب والإيجاب راجع إلى القول والعقد» (٢) انتهى ـ اريد به السلب والإيجاب من حيث الإضافة إلى مضمون القضيّة بعينه.
وقد ظهر أيضا أنّ قولهم : «نقيض كلّ شيء رفعه» (٣) اريد فيه بالرفع الطرد الذاتيّ ، فالإيجاب والسلب يطرد كلّ منهما بالذات ما يقابله.
وأمّا تفسير من فسّر الرفع بالنفي والسلب (٤) ـ فصرّح بأنّ نقيض الإنسان هو اللاإنسان ، ونقيض اللاإنسان اللا لا إنسان ، وأمّا الإنسان فهو لازم النقيض وليس بنقيض ـ فلازم تفسيره كون تقابل التناقض من جانب واحد دائما ، وهو ضروريّ البطلان (٥).
__________________
(١) في الفصل العاشر من المرحلة الحادية عشرة.
(٢) راجع كشف المراد : ١٠٧ ، وشرح التجريد للقوشجيّ : ١٠٤. وفي شوارق الإلهام : ١٩٢ : «وهو راجع إلى القول والعقل» ثمّ فسّر القول بالوجود اللفظيّ ، والعقل بالوجود الذهنيّ ، فراجع.
(٣) راجع شرح المطالع : ١٧٠.
(٤) كذا يستفاد من كلام قطب الدين الشيرازيّ في شرح حكمة الإشراق : ٨٨. وقال المحقّق السيّد الداماد في القبسات : ٢١ ـ ٢٢ : «نقيض كلّ مفهوم رفعه على سبيل السلب البسيط».
(٥) فإنّ التقابل نسبة ، والنسبة قائمة بالطرفين.