الفصل الخامس
في الغيريّة وأقسامها (١)
__________________
(١) اعلم أنّ الخلاف في الغيريّة وأقسامها وقع في موضعين : الأوّل :
أنّ التماثل ـ وهو اشتراك الاثنين في تمام الماهيّة ـ هل هو من الغيريّة أو هو من الوحدة؟. ذهب صدر المتألّهين إلى الأوّل ، فقال : «المماثلة أيضا من أقسام الغيريّة». وتبعه الحكيم السبزواريّ في موضع من شرح المنظومة ، حيث قال : «والغيريّة ـ الّتي هي مقسم للتقابل وللتخالف وللتماثل بوجه ، بأن يقال : الغيران إمّا متقابلان ، أو متخالفان ، أو متماثلان ـ من العوارض الذاتيّة للكثرة». راجع الأسفار ٢ : ١٠١ ، وشرح المنظومة (قسم الحكمة) : ١١٢.
وذهب بعضهم إلى الثاني ، ومنهم الحكيم السبزواريّ في موضع آخر من شرح المنظومة : ١١٦ ، حيث قال : «التقابل نوع من الغيريّة فحينئذ خرج التماثل من التعريف ، لأنّ التماثل وإن كان بوجه من الغيريّة لكن ، جهة الاتّحاد والهوهويّة عليه أغلب». وتبعه المصنّف رحمهالله في المقام ، ولذا حصر أقسام الغيريّة في التقابل والتخالف.
الثاني : أنّ التماثل ـ بناء على كونه من أقسام الغيريّة ـ هل هو من أقسام التقابل أو أنّه قسيم للتخالف وكان التقابل من أقسام التخالف؟. المشهور هو الأوّل ، ولذا عرّفوا التقابل ب «امتناع اجتماع شيئين في محلّ واحد من جهة واحدة في زمان واحد». فيكون التماثل من أقسام التقابل ، حيث إنّ المتماثلين هما الاثنان اللذان لا يجتمعان في موضوع واحد في زمان واحد من جهة واحدة ، كزيد وعمرو.
وذهب صدر المتألّهين إلى الثاني ، ولذا عدل من تعريف المشهور ، فقال : «فالتقابل هو امتناع اجتماع شيئين متخالفين في موضوع واحد في زمان واحد من جهة واحدة». الأسفار ٢ : ١٠٢. وعليه يقال : إن كان الاثنان الغيران متشاركين في تمام الماهيّة فهما متماثلان ، وإلّا فهما متخالفان. والمتخالفان إمّا متقابلان وإمّا غيرهما. فالتقابل قسم من التخالف ، ـ