وبذلك يندفع ما أورده بعضهم (١) على كلّيّة قاعدة الفرعيّة القائلة : «إنّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له» بانتقاضها بمثل قولنا : «الماهيّة موجودة» حيث إنّ ثبوت الوجود للماهيّة ـ بناء على ما تقتضيه قاعدة الفرعيّة ـ فرع ثبوت الماهيّة ، وننقل الكلام إلى ثبوتها ، فهو فرع ثبوتها قبل ، وهلمّ جرّا ، فيتسلسل.
والجواب (٢) ـ على ما تحصّل ـ : أنّ القضيّة هليّة بسيطة ، والهليّة البسيطة إنّما تدلّ على ثبوت الشيء لا على ثبوت شيء لشيء ، حتّى تقتضي وجودا للماهيّة قبل وجودها ، هذا.
وأمّا ما أجاب به بعضهم (٣) عن الإشكال ـ بتبديل الفرعيّة من الاستلزام ، وأنّ الحقّ أنّ ثبوت شيء لشيء مستلزم لثبوت المثبت له ولو بنفس هذا الثبوت ، وثبوت الوجود للماهيّة مستلزم لثبوت الماهيّة بنفس هذا الثبوت ـ فهو تسليم للإشكال.
وأسوأ حالا منه قول بعضهم (٤) : «إنّ القاعدة مخصّصة بثبوت الوجود للماهيّة» ، هذا.
__________________
(١) تعرّض لهذا الإيراد صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ٤٣ ، والمشعر الخامس من كتاب المشاعر : ٢٧ ، ورسالة في اتّصاف الماهية بالوجود المطبوعة ذيل رسائل صدر المتألّهين : ١١٠.
(٢) كذا أجاب عنه صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ٤٣ ، والمشعر الخامس من المشاعر : ٢٧ ، ورسائل صدر المتألّهين : ١١٥ ـ ١١٦.
(٣) وهو المحقّق الدوانيّ في حاشية شرح التجريد للقوشجيّ : ٥٩. ونقله عنه صدر المتألّهين في رسالة اتّصاف الماهيّة بالوجود ، فراجع رسائل صدر المتألّهين : ١١١.
(٤) وهو الفخر الرازيّ على ما نقل عنه في تعليقات الحكيم السبزواريّ على الأسفار ١ : ٤٣.
وقال المصنّف رحمهالله في تعليقاته على بداية الحكمة : ١٠٣ : «وعن الإمام الرازيّ أنّ القاعدة مخصّصة بالهليّة البسيطة. وفيه : أنّه تخصيص في القواعد العقليّة».