الفصل الأوّل
في أنّ مفهوم الوحدة والكثرة
بديهيّ غنيّ عن التعريف
ينقسم الموجود إلى الواحد والكثير ، فكلّ موجود إمّا واحد وإمّا كثير.
والحقّ أنّ الوحدة والكثرة من المفاهيم العامّة الضروريّة التصوّر المستغنية عن التعريف كالوجوب والإمكان (١) ، ولذا كان ما عرّفوهما به من التعريف (٢) لا يخلو من دور ، وتعريف الشيء بنفسه كتعريف الواحد ب «أنّه الّذي لا ينقسم من الجهة الّتي يقال إنّه واحد». ففيه أخذ الانقسام الّذي هو الكثرة في تعريف الواحد (٣) ، مضافا إلى كونه تعريفا للواحد بالواحد (٤). ثمّ تعريف الكثير ب «أنّه المجتمع من الوحدات». وفيه أخذ الوحدة في تعريف الكثير وقد كانت
__________________
(١) صرّح بذلك كثير من الحكماء والمتكلّمين. فراجع المباحث المشرقيّة ١ : ٨٣ ، والأسفار ٢ : ٨٢ ـ ٨٣ ، وكشف المراد : ١٠٠ ، والمطارحات : ٣٠٨ ، وشرح المقاصد ١ : ١٣٦ ، وإيضاح المقاصد : ٥٤.
(٢) كقول القائل : «الواحد هو مبدأ العدد». راجع المطارحات : ٢٤٦. وقد يقال : «الوحدة عدم الانقسام إلى امور متشابهة ، والكثرة هي الانقسام إليها». راجع شرح المقاصد ١ : ١٣٦.
(٣) فالتعريف دوريّ.
(٤) فهو من تعريف الشيء بنفسه ، ونفس الشيء لا يكون معرّفا له ، لأنّه مساو للشيء في الخفاء ، ولا يعرّف الشيء إلّا بما يكون أجلى منه ، وإلّا لزم أن يكون كلّ شيء معرّفا لكلّ شيء ، وهو كما ترى.