الفصل الحادي والعشرون
في مقولتي أن يفعل وأن ينفعل
أمّا الأوّل فهو هيئة غير قارّة حاصلة في الشيء المؤثّر من تأثيره ما دام يؤثّر ، كتسخين المسخّن ما دام يسخّن وتبريد المبرّد ما دام يبرّد.
وأمّا الثاني فهو هيئة غير قارّة حاصلة في المتأثّر ما دام يتأثّر ، كتسخّن المتسخّن ما دام يتسخّن وتبرّد المتبرّد ما دام يتبرّد.
ومن خاصّة هاتين المقولتين : (أوّلا) كما يظهر من الأمثلة أنّهما تعرضان غيرهما من المقولات ، كالكيف والكمّ والوضع وغيرها. و (ثانيا) أنّ معروضهما ـ من حيث هو معروض ـ لا يخلو عن حركة ، ولذا عبّر عنهما بلفظ «أن يفعل» و «أن ينفعل» الظاهرين في الحركة والتدرّج ، دون الفعل والانفعال اللذين ربّما يستعملان في التأثير والتأثّر الدفعيّ غير التدريجيّ (١). وبالجملة : المقولتان هيئتان عارضتان لمعروضهما من جهة ما له من الحركة.
قال في الأسفار : «واعلم أنّ وجود كلّ منهما في الخارج ليس عبارة عن نفس السلوك إلى مرتبة ، فإنّه بعينه معنى الحركة ، ولا أيضا وجود كلّ منهما وجود
__________________
(١) كذا قال الشيخ الرئيس في الفصل السادس من المقالة السادسة من الفنّ الثاني من منطق الشفاء. وذكروا للفرق بين الفعل والانفعال وبين أن يفعل وأن ينفعل وجهين. راجع ما مرّ من تعليقاتنا على مدخل الكتاب الرقم ٢.