المقولات الّتي يقع بها التحريك والتحرّك ، كالكيف مثل السواد ، والكمّ مثل مقدار الجسم النامي ، أو الوضع كالجلوس والانتصاب ، ولا غير ذلك. بل وجودهما عبارة عن وجود شيء من هذه المقولات ما دام يؤثّر أو يتأثّر ، فوجود السواد أو السخونة مثلا من حيث إنّه سواد من باب مقولة الكيف ووجود كلّ منهما من حيث كونه تدريجيّا يحصل منه تدريجيّ آخر أو يحصل من تدريجيّ آخر هو من مقولة أن يفعل أو أن ينفعل.
وأمّا نفس سلوكه التدريجيّ ـ أي خروجه من القوّة إلى الفعل ـ سواء كان في جانب الفاعل أو في جانب المنفعل فهو عين الحركة لا غير ، فقد ثبت نحو وجودهما في الخارج وعرضيّتهما» (١) انتهى.
وأمّا الإشكال (٢) في وجود المقولتين بأنّ تأثير المؤثّر يمتنع أن يكون وصفا ثبوتيّا زائدا على ذات المؤثّر ، وإلّا افتقر إلى تأثير آخر في ذلك التأثير ، وننقل الكلام إليه ، فيتسلسل ذاهبا إلى غير النهاية ، وهو محصور بين حاصرين : المؤثّر والمتأثّر.
ويجري نظير الإشكال (٣) في زيادة تأثّر المتأثّر على ذات المتأثّر ، فلو كان قبول الأثر زائدا على ذات القابل احتاج إلى قبول آخر ، وننقل الكلام إليه ، فيتسلسل ، وهو محصور بين حاصرين ، فالتأثير والتأثّر ـ سواء كانا دفعيّين أو تدريجيّين ـ وصفان عدميّان غير موجودين في الخارج.
فيدفعه (٤) : أنّه إنّما يتمّ فيما كان الأثر الثبوتيّ المفروض موجودا بوجود
__________________
(١) راجع الأسفار ٤ : ٢٢٥.
(٢) والمستشكل فخر الدين الرازيّ في المباحث المشرقيّة ١ : ٤٥٦ ـ ٤٥٧. وتعرّض له التفتازانيّ في شرح المقاصد ١ : ٢٨٥ ، وصدر المتألّهين في الأسفار ٤ : ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، وشرحه للهداية الأثيريّة : ٢٧٥.
(٣) والمستشكل أيضا فخر الدين الرازيّ في المباحث المشرقيّة ١ : ٢٥٧.
(٤) كما دفعه صدر المتألّهين في الأسفار ٤ : ٢٢٨. ودفعه أيضا التفتازانيّ في شرح المقاصد ـ