الفصل الخامس عشر
في الكيفيّات النفسانيّة
الكيفيّة النفسانيّة وهي ـ كما قال الشيخ (١) ـ : ما لا يتعلّق بالأجسام على الجملة ، إن لم تكن راسخة سمّيت : «حالا» وإن كانت راسخة سمّيت : «ملكة» وإذ كانت النسبة بين الحال والملكة نسبة الضعف والشدّة ـ وهم يعدّون المرتبتين من الضعف والشدّة نوعين مختلفين ـ كان لازمه عدّ الحال مغايرا للملكة نوعا ووجودا (٢).
والكيفيّات النفسانيّة كثيرة ، وإنّما أوردوا منها في هذا الباب بعض ما يهمّ البحث عنه.
فمنها : الإرادة. قال في الأسفار : «يشبه أن يكون معناها واضحا عند العقل غير ملتبس بغيرها ، إلّا أنّه يعسر التعبير عنها بما يفيد تصوّرها بالحقيقة. وهي تغاير الشهوة (٣) ، كما أنّ مقابلها ـ وهو الكراهة ـ يغاير النفرة ، ولذا قد يريد الإنسان
__________________
(١) راجع الفصل الثالث من المقالة الخامسة من الفنّ الثاني من منطق الشفاء.
(٢) تعريض للشيخ الرئيس ، حيث عدّ الحال مغايرا للملكة تغايرا عرفيّا. وتبعه على ذلك تلميذه بهمنيار والإمام الرازيّ. راجع الفصل الثالث من المقالة الخامسة من الفنّ الثاني من منطق الشفاء ، والتحصيل : ٣٩٤ ، والمباحث المشرقيّة ١ : ٣١٩.
(٣) أي : الإرادة حقيقة ، والشهوة حقيقة اخرى.
والدليل عليه أنّه يوجد كلّ واحدة من الإرادة والشهوة بدون الاخرى ، وإن قد يجتمعان في مورد واحد فبينهما العموم من وجه ، فإنّ الإنسان قد يريد ما لا يشتهيه كشرب دواء ـ