الفصل الثاني
في انقسام كلّ من الموادّ الثلاث إلى
ما بالذات وما بالغير وما بالقياس إلى الغير ، إلّا الإمكان
ينقسم كلّ من هذه الموادّ الثلاث إلى ما بالذات وما بالغير وما بالقياس إلى الغير ، إلّا الإمكان ، فلا إمكان بالغير (١).
والمراد ب «ما بالذات» أن يكون وضع الذات ـ مع قطع النظر عن جميع ما عداها ـ كافيا في اتّصافها ، وب «ما بالغير» أن لا يكفي فيه وضعها كذلك ، بل يتوقّف على إعطاء الغير واقتضائه ، وب «ما بالقياس إلى الغير» أن يكون الاتّصاف بالنظر إلى الغير على سبيل استدعائه الأعمّ من الاقتضاء.
فالوجوب بالذات كضرورة الوجود لذات الواجب تعالى لذاته بذاته ؛ والوجوب بالغير كضرورة وجود الممكن الّتي تلحقه من ناحية علّته التامّة والامتناع بالذات كضرورة العدم للمحالات الذاتيّة الّتي لا تقبل الوجود لذاتها
__________________
(١) ولا يخفى أنّ الإمكان بالغير غير الإمكان الغيريّ ، فإنّ المراد من الإمكان في الإمكان بالغير هو الإمكان العرضيّ ، وفي الإمكان الغيريّ هو الإمكان الذاتيّ. بيان ذلك : أنّ الإمكان على قسمين : (أحدهما) الإمكان بالعرض ، بمعنى أن يكون الشيء غير ممكن ثمّ يصير ممكنا بسبب الغير ، وهذا هو الممكن بالغير الّذي ثبتت استحالته. و (ثانيهما) الإمكان بالذات ، وهو أن يكون الشيء ممكنا في حدّ ذاته ، وهذا هو الممكن الغيريّ الّذي اتّصفت به الممكنات.