وثانيا : أنّها متباينة بتمام ذواتها البسيطة ، وإلّا كان بينها مشترك ذاتيّ ، وهو الجنس ، فكان فوقها جنس ، هذا خلف.
وثالثا : أنّ الماهيّة الواحدة لا تندرج تحت أكثر من مقولة واحدة ، فلا يكون شيء واحد جوهرا وكمّا معا ، ولا كمّا وكيفا معا ، وهكذا. ويتفرّع عليه أنّ كلّ معنى يوجد في أكثر من مقولة واحدة فهو غير داخل تحت المقولة ، إذ لو دخل تحت ما يصدق عليه لكان مجنّسا بجنسين متباينين أو أجناس متباينة ، وهو محال. ومثله ما يصدق من المفاهيم على الواجب والممكن جميعا. وقد تقدّمت الإشارة إلى ذلك. (١)
ورابعا : أنّ الماهيّات البسيطة ـ كالفصول الجوهريّة مثلا وكالنوع المفرد إن كان (٢) ـ خارجة عن المقولات ، وقد تقدّم في مرحلة الماهيّة (٣).
وخامسا : أنّ الواجب والممتنع خارجان عن المقولات ، إذ لا ماهيّة لهما (٤) ، والمقولات ماهيّات جنسيّة.
ثمّ إنّ جمهور المشّائين (٥) على أنّ المقولات عشر. وهي : الجوهر ، والكمّ ، والكيف ، والوضع ، والأين ، والمتى ، والجدة ، والإضافة ، وأن يفعل ، وأن ينفعل.
__________________
(١) في الفصل الخامس من المرحلة الخامسة.
(٢) تلويح إلى أنّه مشكوك الوجود. وهو النوع الحقيقيّ الّذي ليس له جنس ، كالنقطة والوحدة.
(٣) في الفصل السادس من المرحلة الخامسة.
(٤) أمّا الواجب فلا ماهيّة له بالمعنى الأخصّ ، إذ هو وجود محض لا حدّ له. نعم ، له الماهيّة بالمعنى الأعمّ ، وما به الشيء هو هو ، وهو وجوده الواجبيّ. وأمّا الممتنع فلا ماهيّة له ، لا بالمعنى الأعمّ ولا بالمعنى الأخصّ ، إذ لا شيئيّة له.
(٥) كالمعلّم الأوّل في كتابه الموسوم ب «قاطيغورياس» أي المقولات ، فراجع الجزء الأوّل من منطق أرسطو : ٣٥ ؛ وكذا في كتابه الموسوم ب «طوبيقا» أي الجدل ، فراجع الجزء الثاني من منطق أرسطو : ٥٠٢. ونسب إليه أيضا في المعتبر ٣ : ١٤. وذهب إليه الشيخ الرئيس في قاطيغورياس من منطق الشفاء ، وصدر المتألّهين في الأسفار ٤ : ٣ ، والشواهد الربوبيّة : ٢١ ، وفخر الدين الرازيّ في المباحث المشرقيّة ١ : ١٦٤ ، وشرح عيون الحكمة ١ : ٩٧ ـ ٩٨ ، والحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة : ١٣٦ ـ ١٣٧.