والمعوّل فيما ذكروه على الاستقراء (١) ، ولم يقم برهان على أن ليس فوقها مقولة هي أعمّ من الجميع أو أعمّ من البعض (٢). وأمّا مفهوم الماهيّة والشيء والموجود وأمثالها الصادقة على العشر جميعا ومفهوم العرض والهيئة والحال الصادقة على التسع غير الجوهر والهيئة النسبيّة الصادقة على السبع الأخيرة المسمّاة بالأعراض النسبيّة فهي مفاهيم عامّة منتزعة من نحو وجودها خارجة من سنخ الماهيّة. فماهيّة الشيء هو ذاته المقول عليه في جواب «ما هو؟» ولا هويّة إلّا للشيء الموجود ، وشيئيّة الشيء موجود (٣) ، فلا شيئيّة لما ليس بموجود ، وعرضيّة الشيء كون وجوده قائما بالغير ، وقريب منه كونه هيئة وحالا ، ونسبيّة الشيء كون وجوده في غيره غير خارج من وجود الغير. فهذه مفاهيم منتزعة من نحو الوجود محمولة على أكثر من مقولة واحدة ، فليست من المقولات كما تقدّم (٤).
وعن بعضهم (٥) : «أنّ المقولات أربع ، بإرجاع المقولات النسبيّة إلى مقولة واحدة ، فهي : الجوهر والكمّ والكيف والنسبة».
ويدفعه ما تقدّم (٦) [من] أنّ النسبة مفهوم غير ما هويّ منتزع من نحو الوجود. ولو كفى مجرّد عموم المفهوم في جعله مقولة فليردّ المقولات إلى مقولتين :
__________________
(١) هكذا في شرح المواقف : ١٩٣. وقال المحقّق اللاهيجيّ في مقدّمة الفصل الخامس من المقصد الثاني من شوارق الإلهام : «وبالجملة فالّذي استقرّ عليه رأي المتأخّرين أنّ هذا الحصر استقرائيّ. ولا يخفى أنّ هذا الاستقراء أيضا ضعيف جدّا».
(٢) راجع مقدمة الفصل الخامس من المقصد الثاني من شوارق الإلهام ، والفصل الأوّل والثالث والرابع والخامس من المقالة الثانية من الفنّ الثاني من منطق الشفاء.
(٣) والأولى أن يقول : «وشيئيّة الشيء كونه موجودا» أو «وشيئيّة الشيء وجوده».
(٤) في السطور السابقة.
(٥) قيل : «هو عمر بن سهلان الساوجيّ «الساويّ» صاحب البصائر النصيريّة» ، فراجع شرح الهداية الأثيريّة لصدر المتألّهين : ٢٦٤ ، وشرح المنظومة : ١٣٧. وقال الإيجيّ في المواقف : «وقد احتجّ ابن سينا على الحصر بما خلاصته : أنّه ينقسم إلى كمّ وكيف ونسبة كما مرّ ، وغيرها الجوهر» انتهى كلامه على ما في شرح المواقف : ١٩٥.
(٦) في السطور السابقة.