ويندفع (١) بأنّ هذه النسب والإضافات والصفات المأخوذة منها ـ كما سيأتي بيانه (٢) ـ معان منتزعة من مقام الفعل ، لا من مقام الذات (٣).
نعم ، لوجود هذه النسب والإضافات إرتباط واقعيّ به تعالى ، والصفات المأخوذة منها للذّات واجبة بوجوبها. فكونه تعالى بحيث يخلق وكونه بحيث يرزق الى غير ذلك صفات واجبة ، ومرجعها إلى الإضافة الإشراقيّة (٤).
وسيأتي تفصيل القول فيه فيما سيأتي إن شاء الله تعالى (٥).
وقد تبيّن بما مرّ :
أوّلا : أنّ الوجود الواجبيّ وجود صرف ، لا ماهيّة له ، ولا عدم معه ، فله كلّ كمال في الوجود.
وثانيا : أنّه واحد وحدة الصرافة ، وهي المسمّاة ب «الوحدة الحقّة». بمعنى أنّ كلّ ما فرضته ثانيا له امتاز عنه بالضرورة بشيء من الكمال ليس فيه ، فتركّبت الذات من وجود وعدم ، وخرجت عن محوضة الوجود وصرافته ، وقد فرض صرفا ، هذا خلف ، فهو في ذاته البحتة بحيث كلّما فرضت له ثانيا عاد أوّلا.
__________________
(١) هكذا دفعه صدر المتألّهين في شرحه للهداية الأثيريّة : ٢٩٥ ـ ٢٩٦. ودفعه بوجه آخر في الأسفار ١ : ١٢٧ ـ ١٢٨.
(٢) في الفصلين التاسع والعاشر من المرحلة الثانية عشرة.
(٣) وبتعبير آخر : أنّ مورد قاعدة «واجب الوجود بالذات واجب من جميع الجهات» هو الصفات الكماليّة الّتي ينتزع من مقام الذات ، وأمّا الصفات الفعليّة فهي خارجة عنها تخصّصا ، لأنّها معان منتزعة من مقام الفعل.
(٤) وهي فيما إذا كان المضاف عين الربط بالمضاف إليه ، فخالقيّته تعالى للمخلوق ـ مثلا ـ إضافته الإشراقيّة الإيجاديّة ؛ فخلقه تعالى للمخلوق ليس إلّا إيجاده تعالى للمخلوق.
والإيجاد نفس وجود المخلوق حقيقة ، غاية الأمر أنّ وجود المخلوق بالنسبة إلى نفسه وبما هو مضاف إلى المخلوق وجود ، وبالنسبة إلى الواجب تعالى وبما هو مضاف إليه تعالى إيجاد ، فالاختلاف اعتباريّ.
(٥) في الفصلين التاسع والعاشر من المرحلة الثانية عشرة.