وهذا الكتاب من أوثق المصادر التاريخية رضاً به الموافق والمخالف ن وقد راعى فيه جانب التقيّة بما يسعه ، بتأليفه على نسق كتب أهل السنّة وما يرتضونه من رواياتهم ، حتّى حسبه بعض من لم ير من كتبه غيره ، ولم يستكنه حياته الطيّبة ، ولم يلفت نظره إلى غير يسير من الإرشادات بل النصوص في نفس هذا الكتاب : أنّه منهم.
فهل من السائغ إذن : أن يذكر في كتاب هذا شأنه غيرَ الثابت المتسالم عليه عند الاُمّة جمعاء ، لا سيّما في مثل المقام الذي يكثر فيه بطبع الحال وَرَ"ات القالة؟
وفي كتاب (إثبات الوصية) للمسعوديّ أيضاً :
«وروي أنذ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت ، فجاءها المخاض وهي في الطواف ، فلمّا اشتدبها دخلت الكعبة ، فولدته في جوف البيت على مثال ولادة آمنة النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وما ولد في الكعبة قبلَه ولا بعدَه غيره» (١).
و (إثبات الوصيّة) من أنفس كتب الإمامية.
وليس من الجائز أن يحتجّ ويتبجّح فيه بما لا يقرّ به الخصم ، ولا تذعن به اُمّته ، ثمّ يقول بكل صراحة : «وما ولد ...» وبمشهد منه ومسمع ما تحذلقوا (٢) به من أمر حكيم بن حزام ، غير أنّ المؤرخ لا يقيم له وزناً.
وذكر حمد الله المستوفي في (تاريخ گزيده) : «أنّ مولده عليه السّلام كان سنة ثلاثين من عام الفيل ، الموافقة لسنة إحدى عشرة بعد التسع مائة الإسكندرية ، لثمان سنين مضين من ملوكية أبرويز (٣) ، وكان في الكعبة حيث كانت اُمّه
__________________
(١) إثبات الوصية : ١١١ ، وقد مضى نصّ ما أثبته من الحديث في الرسالة الثانية من هذه المجموعة.
(٢) حذلق : ادعى أكثر ممّا عنده. تاج العروس ـ حذلق ـ ٦ : ٣١١.
(٣) كسرى أبرويز بن هرمز بن انوشروان ، بُعث رسول الله صلّى الله عليه وآله لعشرين سنة مضت من ملكه. انظر الكامل في التاريخ ١ : ٤٩١ ـ ٤٩٦ و ٢ : ٤٦.