على إراقة دمه الطاهر.
فاستأذن أباه وبرز على فرس للحسين يسمّى «لاحقا» ومن جهة أنّ ليلى أمّ الأكبر بنت ميمونة ابنة أبى سفيان صاح رجل من القوم : يا على إنّ لك رحما بأمير المؤمنين يزيد ونريد أن نرعى الرحم ، فان شئت آمنّاك قال عليهالسلام : إنّ قرابة رسول الله صلىاللهعليهوآله أحقّ أن ترعى ، ثمّ شدير تجز معرّفا بنفسه القدسية وغايته السامية ولم يتمالك الحسين عليهالسلام دون أن أرخى عينيه بالدموع.
صاح بعمر بن سعد مالك : قطع الله رحمك ، كما قطعت رحمى ، ولم تحفظ قرابتى من رسول الله صلىاللهعليهوآله وسلّط عليك من يذبحك على فراشك ، ثمّ رفع شيبته المقدّسة نحو السماء وقال : اللهمّ اشهد على هؤلاء فقد برز إليهم أشبه الناس برسولك محمّد وكنّا إذا اشتقنا الى رؤية نبيّك نظرنا إليه اللهمّ فامنعهم بركات الارض وفرّقهم تمزيقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترض الولاة عنهم أبدا فانّهم دعونا لينصرونا ثمّ عدوا علينا يقاتلوننا.
تلا قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ولم يزل يحمل على الميمنة ويعيدها على الميسرة ويغوص فى الأوساط ، فلم يقابله جحفل إلّا ردّه ولا برز إليه شجاع إلّا قتله ، فقتل مائة وعشرين فارسا وقد اشتدّ به العطش ، فرجع إلى أبيه يستريح ويذكر ما أجهده من العطش فبكى الحسين وقال : وا غوثاه ما أسرع الملتقى بجدّك فيسقيك بكأسه شربة لا تظمأ بعدها وأخذ لسانه فمصّه ودفع إليه خاتمه ليضعه فى فيه (١)
__________________
(١) مقتل الحسين : ٢٩٤ ـ ٢٩٨.