الرقة والجزع ، فلم تملك أن وثبت تجرّ ثوبها حاسرة وهى تقول وا ثكلاه ليت الموت أعدمنى الحياة اليوم ماتت فاطمة وعلىّ والحسن بن على أخى فنظر إليها فردّد غصّته ، ثمّ قال يا أختى اتقى الله فانّ الموت نازل لا محالة فلطمت وجهها وخرّت مغشيا عليها وصاحب وا ويلاه وا ثكلاه.
فتقدّم إليها فصبّ على وجهها الماء وقال لها يا أختاه تعزّى بعزاء الله فانّ لى ولكلّ مسلم أسوة برسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ قال : انّى أقسم عليك فأبرى قسمى لا تشقى علىّ جيبا ولا تخمشى علىّ وجها ولا تدعى علىّ بالويل والثبور ، ثمّ جاء بها حتّى أجلسها عندى وانّى لمريض مدنف وخرج الى أصحابه ، فلمّا كان من الغد خرج فكلم القوم وعظم عليهم حقّه وذكرهم الله عزوجل ورسوله وسألهم أن يخلوا بينه وبين الرجوع.
فأبوا إلّا قتاله أو أخذه حتّى يأتوا به عبيد الله بن زياد ، فجعل يكلّم القوم بعد القوم والرجل بعد الرجل فيقولون ما ندرى ما تقول ، فأقبل على أصحابه ، فقال : إنّ القوم ليسوا يقصدون غيرى وقد قضيتم ما عليكم ، فانصرفوا فأنتم فى حلّ فقالوا لا والله يا ابن رسول الله حتّى تكون أنفسنا قبل نفسك فجزاهم الخير (١).
١٠ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى عبد الله بن عاصم الفائشى ، عن الضحاك بن عبد الله المشرقى بطن من همدان ، أنّ الحسين بن على عليهماالسلام جمع أصحابه ، قال أبو مخنف : وحدّثنى أيضا الحارث بن حصيرة ، عن عبد الله بن شريك العامرى ، عن علىّ بن الحسين قالا : جمع الحسين أصحابه بعد ما رجع عمر بن سعد وذلك عند ، قرب المساء ، قال علىّ بن الحسين : فدنوت منه لأسمع وأنا مريض
__________________
(١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٣٠.