فسمعت أبى وهو يقول لأصحابه.
أثنى على الله تبارك وتعالى أحسن الثناء وأحمده على السّراء والضرّاء اللهمّ إنّى أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة وعلّمتنا القرآن وفقّهتنا فى الدين وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ، ولم تجعلنا من المشركين ، أمّا بعد ، فانّى لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابى ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتى ، فجزاكم الله عنّى جميعا خيرا ألا وانى أظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غدا ألا وإنّى قد رأيت لكم فانطلقوا جميعا فى حلّ ، ليس عليكم منّى ذمام هذا ليل قد غشيكم فاتّخذوه جملا (١).
١١ ـ عنه قال أبو مخنف : حدّثنا عبد الله بن عاصم الفائشى ـ بطن من همدان ـ عن الضحّاك بن عبد الله المشرقى ، قال : قدمت ومالك بن النضر الأرحبى على الحسين فسلّمنا عليه ، ثمّ جلسنا إليه فردّ علينا ورحّب بنا ، وسألنا عما جئنا له فقلنا : جئنا لنسلّم عليك ، وندعوا الله لك بالعافية ونحدث بك عهدا ونخبرك خبر الناس وإنّا نحدّثكم أنّهم قد جمعوا على حربك فرأيك.
فقال الحسين عليهالسلام : حسبى الله ونعم الوكيل قال : فتذممنا وسلّمنا عليه ودعونا الله له قال : فما يمنعكما من نصرتى ، فقال مالك ابن النضر : علىّ دين ولى عيال ، فقلت له : انّ علىّ دينا وانّ لى لعيالا ، ولكنّك ان جعلتنى فى حلّ من الانصراف ، إذا لم أجد مقاتلا قاتلت عنك ما كان لك نافعا وعنك دافعا.
قال : فأنت فى حلّ ، فأقمت معه فلمّا كان الليل قال : هذا الليل قد غشيكم ، فاتّخذوه جملا ثمّ ليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتى تفرّقوا فى سوادكم ومدائنكم حتّى يفرج الله ، فانّ القوم إنّما يطلبونى ولو قد أصابونى لهوا ، عن طلب
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤١٨.