صلوات الله عليه بما عنده من زمانة رجليه فأجابه بقبول معذرته وحسن الظن فيه وشكر له وترحم على أبيه.
٤ ـ قال على بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاوس : ثمّ إنّه صلوات الله عليه رحل الى المدينة بأهله وعياله ، ونظر الى منازل قومه ورجاله فوجد تلك المنازل تنوح بلسان أحوالها وتبوح باعلال الدموع وإرسالها لفقد حماتها ورجالها وتندب عليهم ندب الثواكل وتسأل عنهم أهل المناهل وتهيج أحزانه على مصارع قتلاه وتنادى لاجلهم وا ثكلاه ، وتقول يا قوم اعذرونى على النياحة والعويل وساعدونى على المصاب الجليل.
قال : القوم الذين أندب لفراقهم وأحنّ الى كرم أخلاقهم كانوا سمار ليلى ونهارى وأنوار ظلمى وأسحارى ، وأطناب شرفى وافتخارى ، وأسباب قوتى وانتصارى ، والخلف من شموسى وأقمارى كم ليلة شردوا باكرامهم وحشتى ، وشيّدوا بأنعامهم حرمتى وأسمعونى مناجات أسحارهم وأمتعونى بايداع أسرارهم ، وكم يوم عمروا إن نعى بمحافلهم وعطروا طبعى بفضائلهم واورقوا عودى بماء عهودهم وأذهبوا نحوسى بنماء سعودهم وكم غرسوا لى من المناقب وحرسوا محلّى من النوائب.
كم أصبحت بهم أتشرف على المنازل والقصور وأميس فى ثوب الجذل والسرور وكم أعاشوا فى شعابى من أموات الدهور وكم انتاشوا على أعتابى من رفات المحذور فاقصونى فيهم منهم الحمام ، وحسدنى عليهم حكم الأيام فأصبحوا غرباء بين الأعداء وغرضا لسهام الاعتداء ، وأصبحت المكارم تقطع بقطع أناملهم والمناقب تشكو لفقد شمائلهم والمحاسن تزول بزوال أعضائهم والاحكام تنوح لوحشة أرجائهم ، فيا لله من ورع أريق دمه فى تلك الحروب وكمال نكس علمه بتلك الخطوب.