امّا ما ذكرت من الغربة ، فانّ المؤمن فى هذه الدنيا غريب وفى هذا الخلق المنكوس حتّى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله وأمّا ما ذكرت من بعد الشقّة فلك بأبى عبد الله عليهالسلام أسوة بارض نائية عنّا بالفرات وامّا ما ذكرت من حبّك قربنا والنظر إلينا وانّك لا تقدر على ذلك فالله يعلم ما فى قلبك وجزاؤك عليه ثمّ قال لى : هل تأتى قبر الحسين عليهالسلام قلت نعم على خوف ووجل فقال ما كان فى هذا أشدّ فالثواب فيه على قدر الخوف ومن خاف فى إتيانه آمن الله روعته يوم يقوم الناس لربّ العالمين وانصرف بالمغفرة وسلّمت عليه الملائكة وزار النبيّ صلىاللهعليهوآله وما يصنع ودعا له انقلب بنعمة من الله وفضل لم يمسسه سوء واتّبع رضوان الله.
ثمّ قال لى كيف وجدت الشراب فقلت أشهد انّكم أهل بيت الرحمة وانّك وصىّ الأوصياء ولقد أتانى الغلام بما بعثته وما أقدر على أن أستقلّ على قدمي ولقد كنت آيسا من نفسى ، فناولنى الشراب فشربته فما وجدت مثل ريحه ولا أطيب من ذوقه ولا طعمه ولا ابرد منه فلمّا شربته قال لى الغلام انّه أمرنى أن أقول لك اذا شربته فاقبل الىّ وقد علمت شدّة ما بى فقلت لأذهبنّ إليه ولو ذهبت نفسى ما قبلت إليك فكأنّى نشطت من عقال ، فالحمد لله الذي جعلكم رحمة لشيعتكم ورحمة علىّ.
فقال يا محمّد انّ الشراب الّذي شربته فيه من طين قبر الحسين عليهالسلام وهو أفضل ما استشفى به فلا تعدل به فانّا نسقيه صبياننا ونساؤنا فنرى فيه كلّ خير ، فقلت له جعلت فداك انّا لنأخذ منه ونستشفى به فقال يأخذه الرّجل فيخرجه من الحائر وقد أظهر فلا يمرّ بأحد من الجنّ به عاهة ولا دابة ولا شيء فيه آفة الّا شمّه فتذهب بركته فيصير بركته لغيره وهذ الّذي يتعالج به ليس هكذا ولو لا ما ذكرت لك ما يمسح به شيء ولا شرب منه شيء إلّا أفاق من ساعته وما هو الّا كحجر الأسود أتاه صاحب العاهات والكفر والجاهليّة وكان لا يتمسّح به أحد الّا أفاق وكان كأبيض ياقوته ، فاسودّ حتّى صار إلى ما رأيت.