(أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٦٥)
____________________________________
كان من أشرف قبائل العرب وبطونها وقرىء لمن من الله على المؤمنين إذ بعث الخ على أنه خبر لمبتدأ محذوف أى منه إذ بعث الخ أو على أن إذ فى محل الرفع على الابتداء بمعنى لمن من الله على المؤمنين وقت بعثه وتخصيصهم بالامتنان مع عموم نعمة البعثة للأسود والأحمر لما مر من مزيد انتفاعهم بها وقوله تعالى (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) متعلق بمحذوف وقع صفة لرسولا أى كائنا من أنفسهم وقوله تعالى (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) صفة أخرى أى يتلو عليهم القرآن بعد ما كانوا أهل جاهلية لم يطرق أسماعهم شىء من الوحى (وَيُزَكِّيهِمْ) عطف على يتلو أى يطهرهم من دنس الطبائع وسوء العقائد وأوضار الأوزار (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) أى القرآن والسنة وهو صفة أخرى لرسولا مترتبة فى الوجود على التلاوة وإنما وسط بينهما التزكية التى هى عبارة عن تكميل النفس بحسب القوة العملية وتهذيها المتفرع على تكميلها بحسب القوة النظرية الحاصل بالتعليم المترتب على التلاوة للإيذان بأن كل واحد من الأمور المترتبة نعمة جليلة على حيالها مستوجبة للشكر فلو روعى ترتيب الوجود كما فى قوله تعالى (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ) لتبادر إلى الفهم عد الجميع نعمة واحدة وهو السر فى التعبير عن القرآن بالآيات تارة وبالكتاب والحكمة أخرى رمزا إلى أنه باعتبار كل عنوان نعمة على حدة ولا يقدح فى ذلك شمول الحكمة لما فى مطاوى الأحاديث الكريمة من الشرائع كما سلف فى سورة البقرة (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ) أى من قبل بعثته عليهالسلام وتزكيته وتعليمه (لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أى بين لا ريب فى كونه ضلالا وإن هى المخففة من المثقلة وضمير الشأن محذوف واللام فارقة بينها وبين النافية والظرف الأول لغو متعلق بكان والثانى خبرها وهى مع خبرها خبر لأن المخففة التى حذف اسمها أعنى ضمير الشأن وقيل هى نافية واللام بمعنى إلا أى وما كانوا من قبل إلا فى ضلال مبين وأيا ما كان فالجملة إما حال من الضمير المنصوب فى يعلمهم أو مستأنفة وعلى التقديرين فهى مبينة لكمال النعمة وتمامها (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا) كلام مبتدأ مسوق لإبطال بعض ما صدر عنهم من الظنون الفاسدة والأقاويل الباطلة الناشئة منها إثر إبطال بعض آخر منها والهمزة للتقريع والتقرير والواو عاطفة لمدخولها على محذوف قبلها ولما ظرف لقلتم مضاف إلى ما بعده وقد أصبتم فى محل الرفع على أنه صفة لمصيبة والمراد بها ما أصابهم يوم أحد من قتل سبعين منهم وبمثليها ما أصاب المشركين يوم بدر من قتل سبعين منهم وأسر سبعين وأنى هذا مقول قلتم وتوسيط الظرف وما يتعلق به بينه وبين الهمزة مع أنه المقصود إنكاره والمعطوف بالواو حقيقة لتأكيد النكير وتشديد التقريع فإن فعل القبيح فى غير وقته أقبح والإنكار على فاعله أدخل والمعنى أحين أصابكم من المشركين نصف ما قد أصابهم منكم قبل ذلك جزعتم وقلتم من أين أصابنا هذا وقد تقدم الوعد بالنصر على توجيه الإنكار والتقريع إلى صدور ذلك القول عنهم فى