(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (١٦٧) وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٦٩)
____________________________________
ذلك الوقت خاصة بناء على عدم كونه مظنة له داعيا إليه بل على كونه داعيا إلى عدمه فإن كون مصيبة عدوهم ضعف مصيبتهم مما يهون الخطب ويورث السلوة أو أفعلتم ما فعلتم ولما أصابتكم غائلته قلتم أنى هذا على توجيه الإنكار إلى استبعادهم الحادثة مع مباشرتهم لسببها وتذكير اسم الإشارة فى أنى هذا مع كونه إشارة إلى المصيبة ليس لكونها عبارة عن القتل ونحوه بل لما أن إشارتهم ليست إلا إلى ما شاهدوه فى المعركة من حيث هو هو من غير أن يخطر ببالهم تسميته باسم ما فضلا عن تسميته باسم المصيبة وإنما هى عند الحكاية وقوله عزوجل (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) أمر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بأن يجيب عن سؤالهم الفاسد إثر تحقيق فساده بالإنكار والتقريع ويبكتهم ببيان أن ما نالهم إنما نالهم من جهتهم بتركهم المركز وحرصهم على الغنيمة وقيل باختيارهم الخروج من المدينة ويأباه أن الوعد بالنصر كان بعد ذلك كما ذكر عند قوله تعالى (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) الآية وأن عمل النبى صلىاللهعليهوسلم بموجبه قد رفع الخطر عنه وخفف جنايتهم فيه على أن اختيار الخروج والإصرار عليه كان ممن أكرمهم الله تعالى بالشهادة يومئذ وأين هم من التفوه بمثل هذه الكلمة وقيل بأخذهم الفداء يوم بدر قبل أن يؤذن لهم والأول هو الأظهر الأقوى وإنما يعضده توسيط خطاب الرسول صلىاللهعليهوسلم بين الخطابين المتوجهين إلى المؤمنين وتفويض التبكيت إليه عليهالسلام فإن توبيخ الفاعل على الفعل إذا كان ممن نهاه عنه كان أشد تأثيرا (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ومن جملته النصر عند الطاعة والخذلان عند المخالفة وحيث خرجتم عن الطاعة أصابكم منه تعالى ما أصابكم والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبلها داخل تحت الأمر (وَما أَصابَكُمْ) رجوع إلى خطاب المؤمنين إثر خطابه عليهالسلام بسر يقتضيه وإرشاد لهم إلى طريق الحق فيما سألوا عنه وبيان لبعض ما فيه من الحكم والمصالح ودفع لما عسى أن يتوهم من قوله تعالى (هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) من استقلالهم فى وقوع الحادثة والعدول عن الإضمار إلى ما ذكر للتهويل وزيادة التقرير ببيان وقته بقوله تعالى (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) أى جمعكم وجمع المشركين (فَبِإِذْنِ اللهِ) أى فهو كائن بقضائه وتخليته الكفار سمى ذلك إذنا لكونها من لوازمه (وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) عطف على قوله تعالى (فَبِإِذْنِ اللهِ) عطف المسبب على السبب والمراد بالعلم التمييز والإظهار فيما بين الناس وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا) عطف على ما قبله من مثله وإعادة الفعل لتشريف المؤمنين وتنزيههم عن الانتظام فى قرن المنافقين وللإيذان باختلاف حال العلم بحسب التعلق بالفريقين فإنه متعلق بالمؤمنين على نهج تعلقه السابق وبالمنافقين على وجه جديد وهو السر فى إيراد الأولين بصيغة اسم الفاعل المنبئة عن الاستمرار والآخرين بموصول صلته فعل دال على الحدوث والمعنى وما