(قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) (١٣)
____________________________________
محذوف أى وبئس المهاد جهنم أو ما مهدوه لأنفسهم (قَدْ كانَ لَكُمْ) جواب قسم محذوف وهو من تمام القول المأمور به جىء به لتقرير مضمون ما قبله وتحقيقه والخطاب لليهود أيضا والظرف خبر كان على أنها ناقصة ولتوسطه بينها وبين اسمها ترك التأنيت كما فى قوله[إن امرأ غره منكن واحدة بعدى وبعدك فى الدنيا لمغرور] على أن التأنيث ههنا غير حقيقى أو هو متعلق بكان على أنها تامه وإنما قدم على فاعلها لما مر مرارا من الاعتناء بما قدم والتشويق إلى ما أخر أى والله قد كان لكم أيها المغترون بعددهم وعددهم (آيَةٌ) عظيمة دالة على صدق ما أقول لكم إنكم ستغلبون (فِي فِئَتَيْنِ) أى فرقتين أو جماعتين فإن المغلوبة منهما كانت مدلة بكثرتها معجبة بعزتها وقد لقيها ما لقيها فسيصيبكم ما يصيبكم ومحل الظرف الرفع على أنه صفة لآية وقيل النصب على خبرية كان والظرف الأول متعلق بمحذوف وقع حالا من آية (الْتَقَتا) فى حيز الجر على أنه صفة فئتين أى تلاقتا بالقتال يوم بدر (فِئَةٌ) بالرفع خبر مبتدأ محذوف أى إحداهما فئة كما فى قوله[إذا مت كان الناس حزبين شامت وآخر مثن بالذى كنت أصنع] أى أحدهما شامت والآخر مثن وقوله[حتى إذا ما استقل النجم فى غلس وغودر البقل ملوى ومحصود] والجملة مع ما عطف عليها مستأنفة لتقرير ما فى الفئتين من الآية وقوله تعالى (تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ) فى محل الرفع على أنه صفة فئة كاملة كأنه قيل فئة مؤمنة ولكن ذكر مكانه من أحكام الإيمان ما يليق بالمقام مدحا لهم واعتدادا بقتالهم وإيذانا بأنه المدار فى تحقق الآية وهى رؤية القليل كثيرا وقرىء يقاتل على تأول الفئة بالقوم أو الفريق (وَأُخْرى) نعت لمبتدأ محذوف معطوف على ما حذف من الجملة الأولى أى وفئة أخرى وإنما نكرت والقياس تعريفها كقرينتها لوضوح أن التفريق لنفس المثنى المقدم ذكره وعدم الحاجة إلى التعريف وقوله تعالى (كافِرَةٌ) خبر المبتدأ المحذوف وإنما لم توصف هذه الفئة بما يقابل صفة الفئة الأولى إسقاطا لقتالهم عن درجة الاعتبار وإيذانا بأنهم لم يتصدوا للقتال لما اعتراهم من الرعب والهيبة وقيل كل من المتعاطفين بدل من الضمير فى التقتا وما بعدهما صفة فلا بد من ضمير محذوف عائد إلى المبدل منه مسوغ لوصف البدل بالجملة العارية عن ضميره أى فئة منهما تقاتل الخ وفئة أخرى كافرة ويجوز أن يكون كل منهما مبتدأ وما بعدهما خبرا أى فئة منهما تقاتل الخ وفئة أخرى كافرة وقيل كل منهما مبتدأ محذوف الخبر أى منهما فئة تقاتل الخ وقرىء فئة بالجر على البدلبة من فئتين بدل بعض من كل وقد مر أنه لابد من ضمير عائد إلى المبدل منه ويسمى بدلا تفصيليا كما فى قول كثير عزة[وكنت كذى رجلين رجل صحيحة ورجل رمى فيها الزمان فشلت] وقرىء فئة الخ بالنصب على المدح أو الذم أو على الحالية من ضمير التقتا كأنه قيل التقتا مؤمنة وكافرة فيكون فئة وأخرى توطئة لما هو الحال حقيقة إذ المقصود بالذكر وصفاهما كما فى قولك جاءنى زيد رجلا صالحا (يَرَوْنَهُمْ) أى يرى الفئة الأخيرة الفئة الأولى وإيثار