فرب واقع لا يرفع والمبالغة فى بيان حال النكاح المحقق فإن محظورية المترقب حيث كانت للجور المترقب فيه فمحظورية المحقق مع تحقق الجور فيه أولى وقيل المراد بالطيب الحل أى ما حل لكم شرعا لأن ما استطابوه شامل للمحرمات ولا مخصص له بمن عداهن وفيه فرار من محذور ووقوع فيما هو أفظع منه لأن ما حل لهم مجمل وقد تقرر أن النص إذا تردد بين الإجمال والتخصيص يحمل على الثانى لأن العام المخصوص حجة فى غير محل التخصيص والمجمل ليس بحجة قبل ورود البيان أصلا ولئن جعل قوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ) الخ دالا على التفصيل بناء على ادعاء تقدمه فى التنزيل فليجعل دالا على التخصيص (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) معدولة عن أعداد مكررة غير منصرفة لما فيها من العدلين عدلها عن صيغها وعدلها عن تكررها وقيل للعدل والصفة فإنها بنيت صفات وإن لم تكن أصولها كذلك وقرىء وثلث وربع على القصر من ثلاث ورباع ومحلهن النصب على أنها حال من فاعل طاب مؤكدة لما أفاده وصف الطيب من الترغيب فيهن والاستمالة إليهن بتوسيع دائرة الإذن أى فانكحوا الطيبات لكم معدودات هذا العدد ثنتين ثنتين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا حسبما تريدون على معنى أن لكل واحد منهم أن يختار أى عدد شاء من الأعداد المذكورة لا أن بعضها لبعض منهم وبعضها لبعض آخر كما فى قولك اقتسموا هذه البدرة درهمين درهمين وثلاثا وثلاثا وأربعة أربعة ولو أفردت لفهم منه تجويز الجمع بين تلك الأعداد دون التوزيع ولو ذكرت بكلمة أو لفات تجويز الاختلاف فى العدد هذا وقد قيل فى تفسير الآية الكريمة لما نزلت الآية فى اليتامى وما فى أكل أموالهم من الحوب الكبير أخذ الأولياء يتحرجون من ولايتهم خوفا من لحوق الحوب بترك الإقساط مع أنهم كانوا لا يتحرجون من ترك العدل فى حقوق النساء حيث كان تحت الرجل منهم عشر منهن فقيل لهم إن خفتم ترك العدل فى حقوق اليتامى فتحرجتم منها فخافوا أيضا ترك العدل بين النساء فقللوا عدد المنكوحات لأن من تحرج من ذنب أو تاب عنه وهو مرتكب مثله فهو غير متحرج ولا تائب عنه وقيل كانوا لا يتحرجون من الزنى وهم يتحرجون من ولاية اليتامى فقيل إن خفتم الجور فى حق اليتامى فخافوا الزنى فانكحوا ما حل لكم من النساء ولا تحوموا حول المحرمات ولا يخفى أنه لا يساعدهما جزالة النظم الكريم لا بتنائهما على تقدم نزول الآية الأولى وشيوعها بين الناس مع ظهور توقف حكمها على ما بعدها من قوله تعالى (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) إلى قوله تعالى (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) أى فيما بينهن ولو فى أقل الأعداد المذكورة كما خفتموه فى حق اليتامى أو كما لم تعدلوا فى حقهن أو كما لم تعدلوا فيما فوق هذه الأعداد (فَواحِدَةً) أى فالزموا أو فاختاروا واحدة وذروا الجميع بالكلية وقرىء بالرفع أى فالمقنع واحدة أو فحسبكم واحدة (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أى من السرارى بالغة ما بلغت من مراتب العدد وهو عطف على واحدة على أن اللزوم والاختيار فيه بطريق التسرى لا بطريق النكاح كما فيما عطف عليه لاستلزامه ورود ملك النكاح على ملك اليمين بموجب اتحاد المخاطبين فى الموضعين بخلاف ما سيأتى من قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) فإن المأمور بالنكاح هناك غير المخاطبين بملك اليمين وإنما سوى فى السهولة واليسر بين الحرة الواحدة وبين السرارى من غير حصر فى عدد لقلة تبعتهن