(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (٤)
____________________________________
وخفة مؤنتهن وعدم وجوب القسم فيهن وقرىء أو من ملكت أيمانكم وما فى القراءة المشهورة للإيذان بقصور رتبتهن عن رتبة العقلاء (ذلِكَ) إشارة إلى اختيار الواحدة والتسرى (أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) العول الميل من قولهم عال الميزان عولا إذا مال وعال فى الحكم أى جار والمراد هنا لليل المحظور المقابل للعدل أى ما ذكر من اختيار الواحدة والتسرى أقرب بالنسبة إلى ما عداهما من أن لا تميلوا ميلا محظورا لانتفائه رأسا بانتفاء محله فى الأول وانتفاء خطره فى الثانى بخلاف اختيار العدد فى المهائر فإن الميل المحظور متوقع فيه لتحقق المحل والخطر ومن ههنا تبين أن مدار الأمر هو عدم العول لا تحقق العدل كما قيل وقد فسر بأن لا يكثر عيالكم على أنه من عال الرجل عياله يعولهم أى مانهم فعبر عن كثرة العيال بكثرة المؤنة على طريقة الكناية ويؤيده قراءة أن لا تعيلوا من أعال الرجل إذا كثر عياله ووجه كون التسرى مظنة قلة العيال مع جواز الاستكثار من السرارى أنه يجوز العزل عنهن بغير رضاهن ولا كذلك المهائر والجملة مستأنفة جارية مما قبلها مجرى التعليل (وَآتُوا النِّساءَ) أى اللاتى أمر بنكاحهن (صَدُقاتِهِنَّ) جمع صدقة كسمرة وهى المهر وقرىء بسكون الدال على التخفيف وبضم الصاد وسكون الدال جمع صدقة كغرفة وبضمهما على التوحيد وهو تثقيل صدقة كظلمة فى ظلمة (نِحْلَةً) قال ابن عباس وقتادة وابن جريج وابن زيد فريضة من الله تعالى لأنها مما فرضه الله فى النحلة أى الملة والشرعة والديانة فانتصابها على الحالية من الصدقات أى أعطوهن مهورهن حال كونها فريضة منه تعالى وقال الزجاج تدينا فانتصابها على أنها مفعول له أى أعطوهن ديانة وشرعة وقال الكلبى نحلة أى هبة وعطية من الله تعالى وتفضلا منه عليهن فانتصابه على الحالية منها أيضا وقيل عطية من جهة الأزواج من نحله كذا إذا أعطاه إياه ووهبه له عن طيبة من نفسه نحلة ونحلا والتعبير عن إيتاء المهور بالنحلة مع كونها واجبة على الأزواج لإفادة معنى الإيتاء عن كمال الرضا وطيب الخاطر وانتصابها على المصدرية لأن الإيتاء والنحلة بمعنى الإعطاء كأنه قيل وانحلوا النساء صدقاتهن نحلة أى أعطوهن مهورهن عن طيبة أنفسكم أو على الحالية من ضمير آتوا أى آتوهن صدقاتهن ناحلين طيبى النفوس بالإعطاء أو من الصدقات أى منحولة معطاة عن طيبة الأنفس فالخطاب للأزواج وقيل للأولياء لأنهم كانوا يأخذون مهور بناتهم وكانوا يقولون هنيئا لك النافجة لمن يولد له بنت يعنون تأخذ مهرها فتنفج به مالك أى تعظمه (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ) الضمير للصدقات وتذكيره لإجرائه مجرى ذلك فإنه قد يشار به إلى المتعدد كما فى قوله عزوجل (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) بعد ذكر الشهوات المعدودة وقد روى عن رؤبة أنه حين قيل له فى قوله[فيها خطوط من سواد وبلق كأنه فى الجلد توليع البهق] إن أردت الخطوط ينبغى أن تقول كأنها وإن أردت السواد والبلق ينبغى أن تقول كأنهما قال لكنى أردت كأن ذلك أو للصداق الواقع موقعه صدقاتهن كأنه قيل وآتوا النساء صداقهن كما فى قوله تعالى (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ) حيث عطف أكن على ما دل عليه المذكور ووقع موقعه كأنه قيل إن أخرتنى أصدق وأكن واللام متعلقة بالفعل وكذا عن لكن