(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١٣)
____________________________________
ثبوت الاستحقاق على تقدير الأخوة من الجهتين وأما ثالثا فلأن حكم صورة انفراد الوارث عن الأخ والأخت يبقى حينئذ غير منبين وليس من ضرورة كون حظ كل منهما السدس عند الإجماع كونه كذلك عند الانفراد ألا يرى أن حظ كل من الأختين الثلث عند الاجتماع والنصف عند الانفراد وأما رابعا فلأن تخصيص أحد الورثة بالتوريث وجعل غيره تابعا له فيه مع اتحاد الكل فى الإدلاء إلى المورث مما لا عهد به (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ) الكلام فيه كالذى مر فى نظائره خلا أن الدين ههنا موصوف بوصف الوصية جريا على قاعدة تقييد المعطوف بما قيد به المعطوف عليه لاتفاق الجمهور على اعتبار عدم المضارة فيه أبضا وذلك إنما يتحقق فيما يكون ثبوته بالإقرار فى المرض كأنه قيل أو دين يوصى به (غَيْرَ مُضَارٍّ) حال من فاعل فعل مضمر يدل عليه المذكور وما حذف من المعطوف اعتمادا عليه كما أن رجال فى قوله تعالى (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ) على قراءة المبنى للمفعول فاعل لفعل ينبى عنه المذكور ومن فاعل الفعل المذكور والمحذوف اكتفاء به على قراءة البناء للفاعل أى يوصى بما ذكر من الوصية والدين حال كونه غير مضار للورثة أى بأن يوصى بما زاد على الثلث أو تكون الوصية لقصد الإضرار بهم دون القربة وبأن يقر فى المرض بدين كاذبا وتخصيص هذا القيد بهذا المقام لما أن الورثة مظنة لتفريط الميت فى حقهم (وَصِيَّةً مِنَ اللهِ) مصدر مؤكد لفعل محذوف وتنوينه للتفخيم ومن متعلقة بمضمر وقع صفة له مؤكدة لفخامته الذاتية بالفخامة الإضافية أى يوصيكم بذلك وصية كائنة من الله كقوله تعالى (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) ولعل السر فى تخصيص كل منهما بمحله الإشعار بما بين الأحكام المتعلقة بالأصول والفروع وبين الأحكام المتعلقة بغيرهم من التفاوت حسب تفاوت الفريضة والوصية وإن كانت كلتاهما واجبة المراعاة أو منصوب بغير مضار على أنه مفعول به فإنه اسم فاعل معتمد على ذى الحال أو منفى معنى فيعمل فى المفعول الصريح ويعضده القراءة بالإضافة أى غير مضار لوصية الله وعهده لا فى شأن الاولاد فقط كما قيل إذ لا تعلق لهم بالمقام بل فى شأن الورثة المذكورة ههنا فإن الأحكام المفصلة كلها مندرجة تحت قوله تعالى (يُوصِيكُمُ اللهُ) جارية مجرى تفسيره وبيانه ومضارتها الإخلال بحقوقهم ونقصها بما ذكر من الوصية بما زاد على الثلث والوصية لقصد الإضرار دون القربة والإقرار بالدين كاذبا وإيقاعها على الوصية مع أنها واقعة على الورثة حقيقة كما فى قوله يا سارق الليلة أهل الدار للمبالغة فى الزجر عنها بإخراجها مخرج مضارة أمر الله تعالى ومضادته وجعل الوصية عبارة عن الوصية بالثلث فما دونه يقتضى أن يكون غير مضار حالا من ضمير الفعل المتعلق بالوصية فقط وذلك يؤدى إلى الفصل بين الحال وعاملها بأجنبى هو المعطوف على وصية مع أنه لا تنحسم به مادة المضارة لبقاء الإفرار بالدين على إطلاقه (وَاللهُ عَلِيمٌ) بالمضار وغيره (حَلِيمٌ) لا يعاجل بالعقوبة فلا يغتر بالإمهال وإيراد الاسم الجليل مع كفاية الإضمار لا دخال الروعة وتربية المهابة (تِلْكَ) إشارة إلى الأحكام التى تقدمت فى شئون اليتامى والمواريث وغير