(وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٨١) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٨٢)
____________________________________
به صلىاللهعليهوسلم فى قوله تعالى (وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) وجواب الشرط محذوف والمذكور تعليل له أى ومن أعرض عن الطاعة فأعرض عنه إنما أرسلناك رسولا مبلغا لا حفيظا مهيمنا تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها وتعاقبهم بحسبها وحفيظا حال من الكاف وعليهم متعلق به قدم عليه رعاية للفاصلة وجمع الضمير باعتبار معنى من كما أن الإفراد فى تولى باعتبار لفظه (وَيَقُولُونَ) شروع فى بيان معاملتهم مع الرسول صلىاللهعليهوسلم بعد بيان وجوب طاعته أى يقولون إذا أمرتهم بشىء (طاعَةٌ) أى أمرنا وشأننا طاعة أو منا طاعة والأصل النصب على المصدر والرفع للدلالة على الثبات كسلام (فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ) أى خرجوا من مجلسك (بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) أى من القائلين المذكورين وهم رؤساؤهم (غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) أى زورت طائفة منهم وسوت خلاف ما قالت لك من القبول وضمان الطاعة لأنهم مصرون على الرد والعصيان وإنما يظهرون ما يظهرون على وجه النفاق أو خلاف ما قلت لها والتبييت إما من البيتوتة لأنه قضاء الأمر وتدبيره بالليل يقال هذا أمر بيت بليل وإما من بيت الشعر لأن الشاعر يدبره ويسوبه وتذكير الفعل لأن تأنيث الطائفة غير حقيقى وقرىء بإدغام التاء فى الطاء لقرب المخرج وإسناده إلى طائفة منهم لبيان أنهم المتصدون له بالذات والباقون أتباع لهم فى ذلك لا لأن الباقين ثابتون على الطاعة (وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ) أى يكتبه فى جملة ما يوحى إليك فيطلعك على أسرارهم فلا يحسبوا أن مكرهم يخفى عليكم فيجدوا بذلك إلى الإضرار بكم سبيلا أو يثبته فى صحائفهم فيجازيهم عليه وأيا ما كان فالجملة اعتراضية (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أى لا تبال بهم وبما صنعوا أو تجاف عنهم ولا تتصد للانتقام منهم والفاء لسببية ما قبلها لما بعدها (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) فى كل ما تأتى وما تذر لا سيما فى شأنهم وإظهار الجلالة فى مقام الإضمار للإشعار بعلة الحكم (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) فيكفيك معرنهم وينتقم لك منهم والإظهار ههنا أيضا لما مر والتنبيه على استقلال الجملة واستغنائها عما عداها من كل وجه (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) إنكار واستقباح لعدم تدبرهم القرآن وإعراضهم عن التأمل فيما فيه من موجبات الإيمان وتدبر الشىء تأمله والنظر فى أدباره وما يؤول إليه فى عاقبته ومنتهاه ثم استعمل فى كل تفكر ونظر والفاء للعطف على مقدر أى أيعرضون عن القرآن فلا يتأملون فيه ليعلموا كونه من عند الله تعالى بمشاهدة ما فيه من الشواهد التى من جملتها هذا الوحى الصادق والنص الناطق بنفاقهم المحكى على ما هو عليه (وَلَوْ كانَ) أى القرآن (مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ) كما يزعمون (لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) بأن يكون بعض أخباره غير مطابق للواقع إذ لا علم بالأمور الغيبية ماضية كانت أو مستقبلة لغيره سبحانه وحيث كانت كلها مطابقة للواقع تعين كونه من عنده تعالى. قال الزجاج ولو لا أنه من عند الله تعالى لكان ما فيه من الإخبار بالغيب مما يسره المنافقون وما يبيتونه مختلفا بعضه حق وبعضه