(تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٢٧)
____________________________________
فيه قبضا وبسطا حسبما تقتضيه مشيئتك وتخصيص الخير بالذكر لما أنه مقضى بالذات وأما الشر فمقضى بالعرض إذ ما من شر جزئى إلا وهو متضمن لخير كلى أو لأن فى حصول الشر دخلا لصاحبه فى الجملة لأنه من أجزية أعماله وأما الخير ففضل محض أو لرعاية الأدب أو لأن الكلام فيه فإنه روى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما خط الخندق عام الأحزاب وقطع لكل عشرة من أهل المدينة أربعين ذراعا وأخذوا يحفرونه خرج من بطن الخندق صخرة كالتل لم تعمل فيها المعاول فوجهوا سلمان إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخبره فجاء عليهالسلام وأخذ منه المعول فضربها ضربة صدعتها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها لكأن مصباحا فى جوف بيت مظلم فكبر وكبر معه المسلمون وقال أضاءت لى منها قصور الحيرة كأنها أنياب الكلاب ثم ضرب الثانية فقال أضاءت لى منها القصور الحمر من أرض الروم ثم ضرب الثالثة فقال أضاءت لى قصور صنعاء وأخبرنى جبريل أن أمتى ظاهرة على كلها فأبشروا فقال المنافقون ألا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون أن تيرزوا فنزلت (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تعليل لما سبق وتحقيق له (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) أى تدخله فيه بتعقيبه إياه أو بنقص الأول وزيادة الثانى (وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) على أحد الوجهين (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) أى تنشىء الحيوانات من موادها أو من النطفة وقيل تخرج المؤمن من الكافر (وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) أى تخرج النطفة من الحيوان وقيل تخرج الكافر من المؤمن (وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) قال أبو العباس المقرى ورد لفظ الحساب فى القرآن على ثلاثة أوجه بمعنى التعب قال تعالى (وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) وبمعنى العدد قال تعالى (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) وبمعنى المطالبة قال تعالى (فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) والباء متعلقة بمحذوف وقع حالا من فاعل ترزق أو من مفعوله وفيه دلالة على أن من قدر على أمثال هاتيك الأفاعيل العظام المحيرة للعقول والأفهام فقدرته على أن ينزع الملك من العجم ويذلهم ويؤتيه العرب ويعزهم أهون من كل هين. عن على رضى الله عنه أنه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن فاتحة الكتاب وآية الكرسى وآيتين من آل عمران (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إلى قوله تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) و (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) إلى قوله (بِغَيْرِ حِسابٍ) معلقات ما بينهن وبين الله تعالى حجاب قلن يا رب تهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك قال الله تعالى إنى حلفت أنه لا يقرؤكن أحد دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مثواه على ما كان منه واسكنته فى حظيرة القدس ونظرت إليه بعينى كل يوم سبعين مرة وقضيت له سبعين حاجة أدناها المغفرة وأعذته من كل عدو وحاسد ونصرته عليهم وفى بعض الكتب أنا الله ملك الملوك قلوب الملوك ونواصيهم بيدى فإن العباد أطاعونى جعلتهم لهم رحمة وإن العباد عصونى جعلتهم عليهم عقوبة فلا