(فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٣٧)
____________________________________
الأخيرة فمعناه وليس الذكر كهذه الأنثى فى الفضيلة بل أدنى منها وأما على التفسير الأول لها فمعناه تأكيد الاعتذار ببيان أن الذكر ليس كالأنثى فى الفضيلة والمزية وصلاحية خدمة المتعبدات فإنهن بمعزل من ذلك فاللام للجنس وقوله تعالى (وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ) عطف على (إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) وغرضها من عرضها على علام الغيوب التقرب إليه تعالى واستدعاء العصمة لها فإن مريم فى لغتهم بمعنى العابدة قال القرطبى معناه خادم الرب وإظهار أنها غير راجعة عن نيتها وإن كان ما وضعته أنثى وأنها وإن لم تكن خليقة بسدانة بيت المقدس فلتكن من العابدات فيه (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ) عطف على (إِنِّي سَمَّيْتُها) وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار أى أجيرها بحفطك وقرىء بفتح ياء المتكلم فى المواضع التى بعدها همزة مضمومة إلا فى موضعين بعهدى أوف آتونى أفرغ (وَذُرِّيَّتَها) عطف على الضمير وتقديم الجار والمجرور عليه لإبراز كمال العناية به (مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) أى المطرود وأصل الرجم الرمى بالحجارة. عن النبى صلىاللهعليهوسلم ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مسه إلا مريم وابنها ومعناه أن الشيطان يطمع فى إغواء كل مولود بحيث يتأثر منه إلا مريم وابنها فإن الله عصمهما ببركة هذه الاستعاذة (فَتَقَبَّلَها) أى أخذ مريم ورضى بها فى النذر مكان الذكر (رَبُّها) مالكها ومبلغها إلى كمالها اللائق وفيه من تشريفها ما لا يخفى (بِقَبُولٍ حَسَنٍ) قيل الباء زائدة والقبول مصدر مؤكد للفعل السابق بحذف الزوائد أى تقبلها قبولا حسنا وإنما عدل عن الظاهر للإيذان بمقارنة التقبل لكمال الرضا وموافقته للعناية الذاتية فإن صيغة التفعل مشعرة بحسب أصل الوضع بالتكلف وكون الفعل على خلاف طبع الفاعل وإن كان المراد بها فى حقه تعالى ما يترتب عليه من كمال قوة الفعل وكثرته وقيل القبول ما يقبل به الشىء كالسعوط واللدود لما يسعط به ويلد وهو اختصاصه تعالى إياها بإقامتها مقام الذكر فى النذر ولم تقبل قبلها أنثى أو بأن تسلمها من أمها عقيب الولادة قبل أن تنشأ وتصلح للسدانة. روى أن حنة حين ولدتها لفتها فى خرقة وحملتها إلى المسجد ووضعتها عند الأحبار أبناء هارون وهم فى بيت المقدس كالحجبة فى الكعبة فقالت لهم دونكم هذه النذيرة فتنافسوا فيها لأنها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم فإن بنى ماثان كانت رءوس بنى إسرائيل وملوكهم وقيل لأنهم وجدوا أمرها وأمر عيسى عليه الصلاة والسلام فى الكتب الإلهية فقال زكريا عليه الصلاة والسلام أنا أحق بها عندى خالتها فأبوا إلا القرعة وكانوا سبعة وعشرين فانطلقوا إلى نهر فألقوا فيه أقلامهم فطفا قلم ذكريا ورسبت أقلامهم فتكفلها وقيل هو مصدر وفيه مضاف مقدر أى فتقبلها بذى قبول أى بأمر ذى قبول حسن وقيل تقبل بمعنى استقبل كتقصى بمعنى استقصى وتعجل بمعنى استعجل أى استقبلها فى أول أمرها حين ولدت بقبول حسن (وَأَنْبَتَها) مجاز عن