(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (٢١)
____________________________________
شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) روى أن قريشا قالوا الرسول الله صلىاللهعليهوسلم يا محمد لقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أن ليس لك عندهم ذكر ولا صفة فأرنا من يشهد لك أنك رسول الله فنزلت فأى مبتدأ وأكبر خبره وشهادة نصب* على التمييز وقوله تعالى (قُلِ اللهُ) أمر له صلىاللهعليهوسلم بأن يتولى الجواب بنفسه إما للإيذان بتعينه وعدم قدرتهم على أن يجيبوا بغيره أو لأنهم ربما يتلعثمون فيه لا لترددهم فى أنه أكبر من كل شىء بل فى كونه شهيدا فى هذا* الشأن وقوله تعالى (شَهِيدٌ) خبر مبتدأ محذوف أى هو شهيد (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ويجوز أن يكون الله شهيد بينى وبينكم هو الجواب لأنه إذا كان هو الشهيد بينه وبينهم كان أكبر شىء شهادة شهيدا له صلىاللهعليهوسلم وتكرير البين* لتحقيق المقابلة (وَأُوحِيَ إِلَيَّ) أى من جهته تعالى (هذَا الْقُرْآنُ) الشاهد بصحة رسالتى (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ) بما* فيه من الوعيد والاقتصار على ذكر الإنذار لما أن الكلام مع الكفرة (وَمَنْ بَلَغَ) عطف على ضمير المخاطبين أى لأنذركم به يا أهل مكة وسائر من بلغه من الأسود والأحمر أو من الثقلين أو لأنذركم به أيها الموجودون ومن سيوجد إلى يوم القيامة وهو دليل على أن أحكام القرآن تعم الموجودين يوم نزوله ومن سيوجد بعد إلى يوم القيامة خلا أن ذلك بطريق العبارة فى الكل عند الحنابلة وبالإجماع عندنا فى غير الموجودين وفى* غير المكلفين يومئذ كما مر فى أول سورة النساء (أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى) تقرير لهم مع إنكار* واستبعاد (قُلْ لا أَشْهَدُ) بذلك وإن شهدتم به فإنه باطل صرف (قُلْ) تكرير للأمر للتأكيد (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) أى بل إنما أشهد أنه تعالى لا إله إله هو (وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) من الأصنام أو من إشراككم (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) جواب عما سبق من قولهم لقد سألنا عنك اليهود والنصارى أخر عن تعيين الشهيد مسارعة إلى إلزامهم بالجواب عن تحكمهم بقولهم فأرنا من يشهد لك الخ والمراد بالموصول اليهود والنصارى وبالكتاب الجنس المنتظم للتوراة والإنجيل وإيرادهم بعنوان إيتاء الكتاب للإيذان بمدار ما أسند إليهم* بقوله تعالى (يَعْرِفُونَهُ) أى يعرفون رسول الله صلىاللهعليهوسلم من جهة الكتابين بحليته ونعوته المذكورة فيهما* (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) بحلاهم بحيث لا يشكون فى ذلك أصلا. روى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما قدم المدينة قال عمر رضى الله عنه لعبد الله بن سلام أنزل الله تعالى على نبيه هذه الآية وكيف هذه المعرفة فقال يا عمر لقد عرفته فيكم حين رأيته كما أعرف ابنى ولأنا أشد معرفة بمحمد منى بابنى لأنى لا أدرى ما صنع النساء* وأشهد أنه حق من الله تعالى (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) من أهل الكتابين والمشركين بأن ضيعوا فطرة* الله التى فطر الناس عليها وأعرضوا عن البينات الموجبة للإيمان بالكلية (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) لما أنهم مطبوع على قلوبهم ومحل الموصول الرفع على الابتداء وخبره الجملة المصدرة بالفاء لشبه الموصول بالشرط وقيل على أنه خبر مبتدأ محذوف أى هم الذين خسروا الخ وقيل على أنه نعت للموصول الأول وقيل النصب على الذم فقوله تعالى (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) على الوجوه الأخيرة عطف على جملة (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) الخ (وَمَنْ