(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣) وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٩٤)
____________________________________
لينذر بالياء على أن الضمير للكتاب (وَمَنْ حَوْلَها) من أهل المدر والوبر فى المشارق والمغارب (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) وبما فيها من أفانين العذاب (يُؤْمِنُونَ بِهِ) أى بالكتاب لأنهم يخافون العاقبة ولا* يزال الخوف يحملهم على النظر والتأمل حتى يؤمنوا به (وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) تخصيص محافظتهم* على الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات التى لا بد للمؤمنين من أدائها للإيذان بإنافتها من بين سائر الطاعات وكونها أشرف العبادات بعد الإيمان (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فزعم أنه تعالى بعثه نبيا كمسيلمة الكذاب والأسود العنسى أو اختلق عليه أحكاما من الحل والحرمة كعمرو بن لحى ومتابعيه أى هو أظلم من كل ظالم وإن كان سبك التركيب على نفى الأظلم منه وإنكاره من غير تعرض لنفى المساوى وإنكاره فإن الاستعمال الفاشى فى قولك من أفضل من زيد أو لا أكرم منه على أنه أفضل من كل فاضل وأكرم من كل كريم وقد مر تمام الكلام فيه (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ) من جهته تعالى (وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ) أى والحال أنه لم يوح إليه (شَيْءٌ) أصلا كعبد الله بن سعد بن أبى سرح كان يكتب للنبى صلىاللهعليهوسلم* فلما نزلت (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) فلما بلغ (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) قال عبد الله تبارك الله أحسن الخالقين تعجبا من تفصيل خلق الإنسان ثم قال صلىاللهعليهوسلم اكتبها كذلك فشك عبد الله وقال لئن كان محمد صادقا فقد أوحى إلى كما أوحى إليه ولئن كان كاذبا فقد قلت كما قال (وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) كالذين قالوا لو نشاء لقلنا مثل هذا (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ) حذف مفعول ترى لدلالة الظرف عليه* أى ولو ترى الظالمين إذ هم (فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) أى شدائده من غمره إذا غشيه (وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) بقبص أرواحهم كالمتقاضى الملظ الملح يبسط يده إلى من عليه الحق ويعنف عليه فى المطالبة من غير إمهال وتنفيس أو باسطوها بالعذاب قائلين (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) أى أخرجوا أرواحكم إلينا من* أجسادكم أو خلصوا أنفسكم من العذاب (الْيَوْمَ) أى وقت الإمانة أو الوقت الممتد بعده إلى ما لا نهاية له* (تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) أى العذاب المتضمن لشدة وإهانة فإضافته إلى الهون وهو الهوان لعراقته فيه* (بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ) كاتخاذ الولد له ونسبة الشريك إليه وادعاء النبوة والوحى كاذبا* (وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) فلا تتأملون فيها ولا تؤمنون بها (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا) للحساب (فُرادى)