(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١١٧) فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (١١٨) وَما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) (١١٩)
____________________________________
عبادة الأوثان ذريعة إليه تعالى وتحليل الميتة وتحريم البحائر ونظائرها أو يقدرون أنهم على شىء وأنى لهم ذلك ودونه مناط العيوق وحقيقته ما يقال عن ظن وتخمين (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) تقرير لمضمون الشرطية وما بعدها وتأكيد لما يفيده من التحذير أى هو أعلم بالفريقين فاحذر أن تكون من الأولين ومن موصولة أو موصوفة فى محل النصب لا بنفس أعلم فإن أفعل التفضيل لا ينصب الظاهر فى مثل هذه الصور بل بفعل دل هو عليه أو استفهامية مرفوعة بالابتداء والخبر يضل والجملة معلق عنها الفعل المقدر وقرىء يضل بضم الياء على أن من فاعل ليضل ومفعوله محذوف ومحلها النصب بما ذكر من الفعل المقدر أى هو أعلم يعلم من يضل الناس فيكون تأكيد للتحذير عن طاعة الكفرة وأما أن الفاعل هو الله تعالى ومن منصوبة بما ذكر أى يعلم من يضله أو مجرورة بإضافة أعلم إليها أى أعلم المضلين من قوله تعالى (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ) أو من قولك أضللته إذا وجدته ضالا فلا يساعده السباق والسياق والتفضيل فى العلم بكثرته وإحاطته بالوجوه التى يمكن تعلق العلم بها ولزومه وكونه بالذات لا بالغير (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) أمر مترتب على النهى عن اتباع المضلين الذين من جملة إضلالهم تحليل الحلال وتحريم الحرام وذلك أنهم كانوا يقولون للمسلمين إنكم تعبدون الله فما قتله الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم أنتم فقيل للمسلمين كلوا مما ذكر اسمه تعالى خاصة على ذبحه لا مما ذكر عليه اسم غيره فقط أو مع اسمه تعالى أو مات حتف أنفه (إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ) التى من جملتها الآيات الواردة فى هذا* الشأن (مُؤْمِنِينَ) فإن الإيمان بها يقتضى استباحة ما أحله الله والاجتناب عما حرمه وجواب الشرط* محذوف لدلالة ما قبله عليه (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) إنكار لأن يكون لهم شىء يدعوهم إلى الاجتناب عن أكل ما ذكر عليه اسم الله تعالى من البحائر والسوائب ونحوها وقوله تعالى (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ) الخ جملة حالية مؤكدة للإنكار كما فى قوله تعالى (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا) أى وأى سبب حاصل لكم فى أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه أو وأى غرض يحملكم على أن لا تأكلوا ويمنعكم من أكله والحال أنه قد فصل لكم (ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) بقوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) الخ فبقى ما عدا ذلك على الحل لا بقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) الخ لأنها مدنية وأما التأخر فى التلاوة فلا يوجب التأخر فى النزول وقرىء الفعلان على البناء للمفعول وقرىء الأول على البناء للفاعل والثانى للمفعول (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) مما حرم فإنه أيضا حلال حينئذ (وَإِنَّ كَثِيراً) أى من