(فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٥) فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ (٧) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٨)
____________________________________
فإنه غير فصيح وتخصيص الحالتين بالعذاب لما أن نزول المكروه عند الغفلة والدعة أفظع وحكايته للسامعين أزجر وأردع عن الاغترار بأسباب الأمن والراحة ووصف الكل بوصفى البيات والقيلولة مع أن بعض المهلكين بمعزل منهما لا سيما القيلولة للإيذان بكمال غفلتهم وأمنهم (فَما كانَ دَعْواهُمْ) أى* دعاؤهم واستغائتهم ربهم أو ما كانوا يدعونه من دينهم وينتحلونه من مذهبهم (إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا) عذابنا* وعاينوا أمارته (إِلَّا أَنْ قالُوا) جميعا (إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) أى إلا اعترافهم بظلمهم فيما كانوا عليه وشهادتهم ببطلانه تحسرا عليه وندامة وطمعا فى الخلاص وهيهات ولات حين نجاة (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ) بيان لعذابهم الأخروى إثر بيان عذابهم الدنيوى خلا أنه قد تعرض لبيان مبادى أحوال المكلفين جميعا لكونه أدخل فى التهويل والفاء لترتيب الأحوال الأخروية على الدنيوية ذكرا حسب ترتبها* عليها وجودا أى لنسألن الأمم قاطبة قائلين ماذا أجبتم المرسلين (وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) عما أجيبوا قال تعالى يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم والمراد بالسؤال توبيخ الكفرة وتقريعهم والذى نفى بقوله تعالى (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) سؤال الاستعلام أو الأول فى موقف الحساب والثانى فى موقف العقاب (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ) أى على الرسل حين يقولون (لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) أو* عليهم وعلى المرسل إليهم جميعا ما كانوا عليه (بِعِلْمٍ) أى عالمين بظواهرهم وبواطنهم أو بمعلومنا منهم* (وَما كُنَّا غائِبِينَ) عنهم فى حال من الأحوال فيخفى علينا شىء من أعمالهم وأحوالهم والجملة تذييل مقرر لما قبلها (وَالْوَزْنُ) أى وزن الأعمال والتمييز بين راجحها وخفيفها وجيدها ورديئها ورفعه على الابتداء* وقوله تعالى (يَوْمَئِذٍ) خبره وقوله تعالى (الْحَقُّ) صفته أى والوزن الحق ثابت يوم إذ يكون السؤال والقص وقيل خبر مبتدأ محذوف كأنه قيل ما ذلك الوزن فقيل الحق أى العدل السوى وقرىء القسط واختلف فى كيفية الوزن والجمهور على أن صحائف الأعمال هى التى توزن بميزان له لسان وكفتان ينظر إليه الخلائق إظهارا للمعادلة وقطعا للمعذرة كما يسألهم عن أعمالهم فتعترف بها ألسنتهم وجوارحهم ويشهد عليهم الأنبياء والملائكة والأشهاد وكما يثبت فى صحائفهم فيقرءونها فى موقف الحساب ويؤيده ما روى أن الرجل يؤتى به إلى الميزان فينشر له تسعة وتسعون سجلا مد البصر فيخرج له بطاقة فيها كلمتا الشهادة فتوضع السجلات فى كفة والبطاقة فى كفة فتطيش السجلات وتثقل البطاقة وقيل يوزن الأشخاص لما روى عنه عليه الصلاة والسلام إنه ليأتى العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة وقيل