(وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١٤٩)
____________________________________
والثانى للتبعيض أو للبيان أو الثانى متعلق بمحذوف وقع حالا مما بعده إذ لو تأخر لكان صفة له وإضافة الحلى إليهم مع أنها كانت للقبط لأدنى الملابسة حيث كانوا استعاروها من أربابها قبيل الغرق فبقيت فى أيديهم وأما أنهم ملكوها بعد الغرق فذلك منوط بتملك بنى إسرائيل غنائم القبط وهم مستأمنون فيما بينهم فلا يساعده قولهم حملنا أوزارا من زينة القوم والحلى بضم الحاء وكسر اللام جمع حلى كثدى وثدى وقرىء بكسر الحاء بالاتباع كدلى وقرىء حليهم على الإفراد وقوله تعالى (عِجْلاً) مفعول اتخذ أخر عن* المجرور لما مر من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر مع ما فيه من نوع طول يخل تقديمه بتجاوب أطراف النظم الكريم وقيل هو متعد إلى اثنين بمعنى التصيير والمفعول الثانى محذوف أى إلها وقوله تعالى (جَسَداً) * بدل من عجلا أى جثة ذا دم ولحم أو جسدا من ذهب لا روح معه وقوله تعالى (لَهُ خُوارٌ) أى صوت بقر* وقرىء بالجيم والهمزة وهو الصياح نعت لعجلا. روى أن السامرى لما صاغ العجل ألقى فى فمه ترابا من أثر فرس جبريل عليه الصلاة والسلام وقد كان أخذه عند فلق البحر أو عند توجهه إلى الطور فصار حيا وقيل صاغه بنوع من الحيل فيدخل الريح فى جوفه فيصوت والأنسب بما فى سورة طه هو الأول وإنما نسب اتخاذه إليهم وهو فعله إما لأنه واحد منهم وإما لأنهم رضوا به فكأنهم فعلوه وإما لأن المراد بالاتخاذ اتخاذهم إياه إلها لا صنعه وإحداثه (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ) استئناف مسوق لتقريعهم وتشنيعهم وتركيك* عقولهم وتسفيههم فيما أقدموا عليه من المنكر الذى هو اتخاذه إلها أى ألم يروا أنه ليس فيه شىء من أحكام الألوهية حيث لا يكلمهم (وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً) بوجه من الوجوه فكيف اتخذوه إلها وقوله تعالى* (اتَّخَذُوهُ) أى فعلوا ذلك (وَكانُوا ظالِمِينَ) أى واضعين للأشياء فى غير موضعها فلم يكن هذا أول منكر* فعلوه والجملة اعتراض تذييلى وتكرير اتخذوه لتثنية التشنيع وترتيب الاعتراض عليه (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) أى ندموا على ما فعلوا غاية الندم فإن ذلك كناية عنه لأن النادم المتحسر يعض يده غما فتصير يده مسقوطا فيها وقرىء سقط على البناء للفاعل بمعنى وقع العض فيها فاليد حقيقة وقال الزجاج معناه سقط الندم فى أنفسهم إما بطريق الاستعارة بالكناية أو بطريق التمثيل (وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا) باتخاذ العجل* أى تبينوا بحيث تيقنوا بذلك حتى كأنهم رأوه بأعينهم وتقديم ذكر ندمهم على هذه الرؤية مع كونه متأخرا عنها للمسارعة إلى بيانه والإشعار بغاية سرعته كأنه سابق على الرؤية (قالُوا) والله (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا) بإنزال التوبة المكفرة (وَيَغْفِرْ لَنا) ذنوبنا بالتجاوز عن خطيئتنا وتقديم الرحمة على المغفرة مع أن* التخلية حقها أن تقدم على التحلية إما للمسارعة إلى ما هو المقصود الأصلى وإما لأن المراد بالرحمة مطلق إرادة الخير بهم وهو مبدأ لإنزال التوبة المكفرة لذنوبهم واللام فى لئن موطئة للقسم كما أشير إليه وفى قوله تعالى (لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) لجواب القسم وما حكى عنهم من الندامة والرؤية والقول وإن كان بعد*