(أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) (١٩٣)
____________________________________
ذلك فذكرته لآدم فأهمهما ذلك ثم عاد إليها وقال إنى من الله تعالى بمنزلة فإن دعوته أن يجعله خلقا مثلك ويسهل عليك خروجه تسميه عبد الحرث وكان اسمه حارثا فى الملائكة فقبلت فلما ولدته سمته عبد الحرث فمما لا تعويل عليه. كيف لا وأنه صلىاللهعليهوسلم كان علما فى علم الأسماء والمسميات فعدم علمه بإبليس واسمه واتباعه إياه فى مثل هذا الشأن الخطير أمر قريب من المحال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال (أَيُشْرِكُونَ) استئناف مسوق لتوبيخ كافة المشركين واستقباح إشراكهم على الإطلاق وإبطاله بالكلية ببيان شأن ما أشركوه به سبحانه وتفصيل أحواله القاضية ببطلان ما اعتقدوه فى حقه أى أيشركون به تعالى (ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً) أى لا يقدر* على أن يخلق شيئا من الأشياء أصلا ومن حق المعبود أن يكون خالقا لعابده لا محالة وقوله تعالى (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) عطف على (لا يَخْلُقُ) وإيراد الضميرين بجمع العقلاء مع رجوعهما إلى ما المعبر بها عن الأصنام إنما هو بحسب اعتقادهم فيها وإجرائهم لها مجرى العقلاء وتسميتهم لها آلهة وكذا حال سائر الضمائر الآتية ووصفها بالمخلوقية بعد وصفها بنفى الخالقية لإبانة كمال منافاة حالها لما اعتقدوه فى حقها وإظهار غاية جهلهم فإن إشراك ما لا يقدر على خلق شىء ما بخالقه وخالق جميع الأشياء مما لا يمكن أن يسوغه من له عقل فى الجملة وعدم التعرض لخالقها للإيذان بتعينه والاستغناء عن ذكره (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ) أى لعبدتهم إذا حزبهم أمر مهم وخطب ملم (نَصْراً) أى نصرا ما بجلب منفعة أو دفع مضرة (وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) * إذا اعتراهم حادثة من الحوادث أى لا يدفعونها عن أنفسهم وإيراد النصر للمشاكلة وهذا بيان لعجزهم عن إيصال منفعة ما من المنافع الوجودية والعدمية إلى عبدتهم وأنفسهم بعد بيان عجزهم عن إيصال منفعة الوجود إليهم وإلى أنفسهم خلا أنهم وصفوا هناك بالمخلوقية لكونهم أهلالها وههنا لم يوصفوا بالمنصورية لأنهم ليسوا أهلالها وقوله تعالى (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى) بيان لعجزهم عما هو أدنى من النصر المنفى عنهم وأيسر وهو مجرد الدلالة على المطلوب والإرشاد إلى طريق حصوله من غير أن يحصله الطالب والخطاب للمشركين بطريق الالتفات المنبىء عن مزيد الاعتناء بأمر التوبيخ والتبكيت أى إن تدعوهم أيها المشركون إلى أن يهدوكم إلى ما تحصلون به المطالب أو تنجون به عن المكاره (لا يَتَّبِعُوكُمْ) إلى* مرادكم وطلبتكم وقرىء بالتخفيف وقوله تعالى (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) استئناف* مقرر لمضمون ما قبله ومبين لكيفية عدم الاتباع أى مستو عليكم فى عدم الإفادة دعاؤكم لهم وسكوتكم البحت فإنه لا يتغير حالكم فى الحالين كما لا يتغير حالهم بحكم الجمادية وقوله تعالى (أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) جملة اسمية فى معنى الفعلية معطوفة على الفعلية لأنها فى قوة أم صمتم عدل عنها للمبالغة فى عدم إفادة الدعاء