(إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (١٩٨)
____________________________________
مع أن الكل سواء فى أنها من أحوالهم بالنسبة إلى الغير فلمراعاة المقابلة بين الأيدى والأرجل ولأن انتفاء المشى والبطش أظهر والتبكيت بذلك أقوى وأما تقديم الأعين فلما أنها أشهر من الآذان وأظهر عينا وأثرا هذا وقد قرىء إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم على إعمال إن النافية عمل ما الحجازية أى ما الذين تدعون من دونه تعالى عبادا أمثالكم بل أدنى منكم فيكون قوله تعالى (أَلَهُمْ) الخ تقريرا لنفى المماثلة بإثبات القصور والنقصان (قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) بعد ما بين أن شركاءهم* لا يقدرون على شىء ما أصلا أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأن يناصبهم للمحاجة ويكرر عليهم التبكيت وإلقام الحجر أى ادعوا شركاءكم واستعينوا بهم على (ثُمَّ كِيدُونِ) جميعا أنتم وشركاؤكم وبالغوا فى ترتيب* ما تقدرون عليه من مبادى الكيد والمكر (فَلا تُنْظِرُونِ) أى فلا تمهلونى ساعة بعد ترتيب مقدمات* الكيد فإنى لا أبالى بكم أصلا (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ) تعليل لعدم المبالاة المنفهم من السوق انفهاما جليا ووصفه تعالى بتنزيل الكتاب للإشعار بدليل الولاية والإشارة إلى علة أخرى لعدم المبالاة كأنه قيل لا أبالى بكم وبشركائكم لأن وليي هو الله الذى أنزل الكتاب الناطق بأنه وليى وناصرى وبأن شركاءكم لا يستطيعون نصر أنفسهم فضلا عن نصركم وقوله تعالى (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) تذييل* مقرر لمضمون ما قبله أى ومن عادته أن يتولى الصالحين من عباده وينصرهم ولا يخذلهم (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ) أى تعبدونهم (مِنْ دُونِهِ) تعالى أو تدعونهم للاستعانة بهم على حسبما أمرتكم به (لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ) أى فى أمر من الأمور أو فى خصوص الأمر المذكور (وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) إذا نابتهم* نائبة (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى) إلى أن يهدوكم إلى ما تحصلون به مقاصدكم على الإطلاق أو فى خصوص ١٩٨ الكيد المعهود (لا يَسْمَعُوا) أى دعاءكم فضلا عن المساعدة والإمداد وهذا أبلغ من نفى الاتباع وقوله* تعالى (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) بيان لعجزهم عن الإبصار بعد بيان عجزهم عن* السمع وبه يتم التعليل فلا تكرار أصلا والرؤية بصرية وقوله تعالى (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) حال من المفعول والجملة الاسمية حال من فاعل ينظرون أى وترى الأصنام رأى العين يشبهون الناظرين إليك ويخيل إليك أنهم يبصرونك لما أنهم صنعوا لها أعينا مركبة بالجواهر المضيئة المتلألئة وصوروها بصورة من قلب حدقته إلى الشىء ينظر إليه والحال أنهم غير قادرين على الإبصار وتوحيد الضمير فى تراهم مع رجوعه إلى المشركين لتوجيه الخطاب إلى كل واحد واحد منهم لا إلى الكل من حيث هو كل كالخطابات السابقة تنبيها على أن رؤية الأصنام على الهيئة المذكورة لا تتسنى للكل معا بل