(وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٢) لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣) وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٦٤)
____________________________________
وخرجوا وقد وإن دخلت لتقريب الماضى من الحال ليصح أن يقع حالا أفادت أيضا بما فيها من معنى التوقع أن أمارات النفاق كانت لائحة وكان الرسول صلىاللهعليهوسلم يظنه ويتوقع أن يظهره الله تعالى ولذلك قيل (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ) أى من الكفر وفيه وعيد شديد لهم (وَتَرى) خطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب والرؤية بصرية (كَثِيراً مِنْهُمْ) من اليهود والمنافقين وقوله تعالى (يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ) حال من (كَثِيراً) وقيل مفعول ثان والرؤية قلبية والأول أنسب بحالهم وظهور نفاقهم والمسارعة المبادرة والمباشرة للشىء بسرعة وإيثار كلمة فى على كلمة إلى الواقعة فى قوله تعالى (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ) الخ لما ذكر فى قوله تعالى (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ) والمراد بالإثم الكذب على الإطلاق وقيل الحرام وقيل كلمة الشرك وقولهم (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) وقيل هو ما يختص بهم من الآثام (وَالْعُدْوانِ) أى* الظلم المتعدى إلى الغير أو مجاوزة الحد فى المعاصى (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) أى الحرام خصه بالذكر مع اندراجه* فى الإثم للمبالغة فى التقبيح (لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أى لبئس شيئا كانوا يعملونه والجمع بين صيغتى* الماضى والمستقبل للدلالة على الاستمرار (لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ) قال الحسن الربانيون علماء الإنجيل والأحبار علماء التوراة وقيل كلهم فى اليهود وهو تحضيض للذين يقتدى بهم أفناؤهم ويعلمون قباحة ما هم فيه وسوء مغبته على نهى أسافلهم عن ذلك مع توبيخ لهم على تركه (عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) مع علمهم بقبحهما ومشاهدتهم لمباشرتهم لهما (لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ) وهذا أبلغ مما قيل فى* حق عامتهم لما أن العمل لا يبلغ درجة الصنع ما لم يتدرب فيه صاحبه ولم يحصل فيه مهارة تامة ولذلك ذم به خواصهم ولأن ترك الحسنة أقبح من مواقعة المعصية لأن النفس تلتذ بها وتميل إليها ولا كذلك ترك الإنكار عليها فكان جديرا بأبلغ ذم وفيه مما ينعى على العلماء توانيهم فى النهى عن المنكرات ما لا يخفى وعن ابن عباس رضى الله عنهما أنها أشد آية فى القرآن وعن الضحاك ما فى القرآن آية أخوف عندى منها (وَقالَتِ الْيَهُودُ) قال ابن عباس وعكرمة والضحاك إن الله تعالى كان قد بسط على اليهود حتى كانوا من أكثر الناس