(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٩٠)
____________________________________
محذوف تقديره أن تطعموا عشرة مساكين طعاما كائنا من أوسط ما تطعمون أو الرفع على أنه بدل من إطعام وأهلون جمع أهل كأرضون جمع أرض وقرىء أهاليكم بسكون الياء على لغة من يسكنها فى الحالات الثلاث كالألف وهذا أيضا جمع أهل كالأراضى فى جمع أرض والليالى فى جمع ليل وقيل جمع أهلاة (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) عطف على إطعام أو على محل من أوسط على تقدير كونه بدلا من إطعام وهو ثوب يغطى العورة وقيل ثوب جامع قميص أو رداء أو إزار وقرىء بضم الكاف وهى لغة كقدوة فى قدوة وأسوة فى أسوة وقرىء أو كأسوتهم على أن الكاف فى محل الرفع تقديره أو إطعامهم كأسوتهم بمعنى أو كمثل ما تطعمون أهليكم إسرافا وتقتيرا تواسون بينهم وبينهم إن لم تطعموهم الأوسط (أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أى* أو إعتاق إنسان كيفما كان وشرط الشافعى رضى الله تعالى عنه فيه الإيمان قياسا على كفارة القتل ومعنى أو إيجاب إحدى الخصال مطلقا وخيار التعيين للمكلف (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أى شيئا من الأمور المذكورة* (فَصِيامُ) أى فكفارته صيام (ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) والتتابع شرط عندنا لقراءة ثلاثة أيام متتابعات والشافعى* رضى الله عنه لا يرى الشواذ حجة (ذلِكَ) أى الذى ذكر (كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ) أى وحنثتم (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) بأن تضنوا بها ولا تبذلوها كما يشعر به قوله تعالى (إِذا حَلَفْتُمْ) وقيل بأن تبروا فيها ما استطعتم ولم يفت بها خير أو بأن تكفروها إذا حنثتم وقيل احفظوها كيف حلفتم بها ولا تنسوها تهاونا بها (كَذلِكَ) إشارة لى مصدر الفعل الآتى لا إلى تبيين آخر مفهوم مما سبق والكاف مقحمة لتأكيد ما أفاده* اسم الإشارة من الفخامة ومحله فى الأصل النصب على أنه نعت لمصدر محذوف وأصل التقدير يبين الله تبيينا كائنا مثل ذلك التبيين فقدم على الفعل لإفادة القصر واعتبرت الكاف مقحمة للنكتة المذكورة فصار نفس المصدر لا نعتا له وقد مر تفصيله فى قوله تعالى (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) أى ذلك البيان البديع (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) أعلام شريعته وأحكامه لا بيانا أدنى منه وتقديم لكم على المفعول لما مر مرارا* (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمته فيما يعلمكم ويسهل عليكم المخرج (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ) أى الأصنام المنصوبة للعبادة (وَالْأَزْلامُ) سلف تفسيرها فى أوائل السورة الكريمة (رِجْسٌ) قذر* تعاف عنه العقول وإفراده لأنه خبر الخمر وخبر المعطوفات محذوف ثقة بالمذكور أو المضاف محذوف أى شأن الخمر والميسر الخ (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) فى محل الرفع على أنه صفة رجس أى كائن من عمله لأنه* مسبب من تسويله وتزيينه (فَاجْتَنِبُوهُ) أى الرجس أو ما ذكر (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أى راجين فلا حكم* وقيل لكى تفلحوا بالاجتناب عنه وقد مر تحقيقه فى تفسير قوله تعالى (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ولقد أكد تحريم الخمر والميسر فى هذه الآية الكريمة بفنون التأكيد حيث صدرت الجملة بإنما وقرنا بالأصنام والأزلام وسميا رجسا من عمل الشيطان تنبيها على أن تعاطيهما شربحت وأمر بالاجتناب عن عينهما وجعل ذلك