(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْها وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١٠١)
____________________________________
* تحقيقه فى مواقع عديدة بإذن الله عزوجل (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ) أى فى تحرى الخبيث وإن كثر وآثروا عليه الطيب وإن قل فإن مدار الاعتبار هو الجودة والرداءة لا الكثرة والقلة فالمحمود القليل* خير من المذموم الكثير بل كلما كثر الخبيث كان أخبث (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) راجين أن تنالوا الفلاح (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) هو اسم جمع على رأى الخليل وسيبويه وجمهور البصريين كطرفاء وقصباء أصله شيآء بهمزتين بينهما ألف فقلبت الكلمة بتقديم لامها على فائها فصار وزنها لفعاء ومنعت الصرف لألف التأنيث الممدودة وقيل هو جمع شىء على أنه مخفف من شىء كهين مخفف من هين والأصل أشيئاء كأهوناء بزنة أفعلاء فاجتمعت همزتان لام الكلمة والتى للتأنيث إذا الألف كالهمزة فخففت الكلمة بأن قلبت الهمزة الأولى ياء لانكسار ما قبلها فصارت أشيياء فاجتمعت ياءان أولاهما عين الكلمة فحذفت تخفيفا فصارت أشياء وزنها أفلاء ومنعت الصرف لألف التأنيث وقيل إنما حذفت من أشيياء الياء المنقلبة* من الهمزة التى هى لام الكلمة وفتحت الياء المكسورة لتسلم ألف الجمع فوزنها أفعاء وقوله تعالى (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) صفة لأشياء داعية إلى الانتهاء عن السؤال عنها وحيث كانت المساءة فى هذه الشرطية معلقة بإبدائها لا بالسؤال عنها عقبت بشرطية أخرى ناطقة باستلزام السؤال عنها لإبدائها الموجب للمحذور قطعا* فقيل (وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ) أى تلك الأشياء الموجبة للمساءة بالوحى كما ينبىء عنه تقييد السؤال بحين التنزيل والمراد بها ما يشق عليهم ويغمهم من التكاليف الصعبة التى لا يطيقون بها والأسرار الخفية التى يفتضحون بظهورها ونحو ذلك مما لا خير فيه فكما أن السؤال عن الأمور الواقعة مستتبع لإبدائها كذلك السؤال عن تلك التكاليف مستتبع لإيجابها عليهم بطريق التشديد لإساءتهم الأدب واجترائهم على المسألة والمراجعة وتجاوزهم عما يليق بشأنهم من الاستسلام لأمر الله عزوجل من غير بحث فيه ولا تعرض لكيفيته وكميته أى لا تكثروا مساءلة رسول الله صلىاللهعليهوسلم عما لا يعنيكم من نحو تكاليف شاقة وعليكم إن أفتاكم بها وكلفكم إياها حسبما أوحى إليه ولم تطيقوا بها نحو بعض أمور مستورة تكرهون بروزها وذلك مثل ما روى عن على رضى الله تعالى عنه أنه قال خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال إن الله تعالى كتب عليكم الحج فقام رجل من بنى أسد يقال له عكاشة بن محصن وقيل هو سراقة بن مالك فقال أفى كل عام يا رسول الله فأعرض عنه حتى أعاد مسألته ثلاث مرات فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويحك وما يؤمنك أن أقول نعم والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ولو تركتم لكفرتم فاتركونى ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بأمر فخذوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شىء فاجتنبوه ومثل ما روى عن أنس وأبى هريرة رضى الله عنهما أنه سأل الناس رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أشياء حتى أحفوه فى المسألة فقام صلىاللهعليهوسلم مغضبا خطيبا