من شرك ، ولم يدع لهم عذرا في ما يخوضون به من تمرّد وضلال ، فزادوا في ضلالهم وطغيانهم ، وعملوا على تدبير المكائد للإسلام والمسلمين ، بحيث أصبح وجودهم في داخل المجتمع الإسلامي ، خطرا على العقيدة ، في ما يحاولونه من فتنة المسلمين عن دينهم بالأساليب الملتوية الخادعة ، وخطرا على الوجود ، في ما كانوا يثيرونه من مشاكل ، أو في ما كانوا يتحالفون فيه مع الآخرين من أعداء الإسلام ضد الإسلام والمسلمين ، مما جعل من التحرك في اتجاه تصفية المجتمع على أساس التوحيد حالة ضروريّة للحفاظ على المستقبل الكبير الذي يستهدف بناء الشخصية الإسلامية في الداخل وبناء الدولة الإسلامية في الخارج.
* * *
الدعوة إلى التوبة
(فَإِنْ تُبْتُمْ) ودخلتم في ما دخل فيه المسلمون من توحيد الله من خلال الحجة القاطعة والبيّنة الواضحة التي قدّمها لكم الرسول ، ورفضتم الشرك ، الذي لم تعتقدوه على أساس قناعة وجدانيّة ، ولم تمارسوه على أساس حجّة عقليّة ، بل كانت القضية ، أنّه عقيدة الآباء وعادات المجتمع ، مما يجعل من عملية الضغط على التراجع عنه ، قضيّة لا تتصل بالحرية في العقيدة بل بمسألة تحرير الإنسان من الخرافة الضاغطة على وجدانه ، من خلال الأجواء المنحرفة المحيطة به مما لا يرجع إلى وعي للفكرة ، أو وضوح في الرؤية ، (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) لأنه يفتح لكم الآفاق الواسعة التي تنفتحون فيها على وحدانية الله المطلقة التي تشمل كل شيء ، في ما يقودكم إليه الوجدان الصافي من أن كل شيء في الوجود مخلوق له ، وأنه ليس هناك أحد أقرب إليه من أحد