من ناحية ذاتية ، فليس هناك إلا العمل. وإذا كانت هناك من شفاعة ، فإنها لا تنطلق من رغبة الشفيع الخاصة ، بل هي بأمره ورضاه ، فلا معنى لأن تتوجه إلى المخلوق بطلب الشفاعة.
* * *
وفي ضوء ذلك ، كان التوحيد يمثل الصفاء الروحي الذي يعيش معه الإنسان في حركة الإيمان المطلق بعيدا عن كل التعقيدات الخانقة التي تجر معها المزيد من العادات والتقاليد والأجواء الضاغطة على الفكر والروح والشعور ، وبذلك كان خيرا لهم من ناحية السلام الروحي الداخليّ ، كما هو خير لهم في الانسجام الفكري العملي ، مع المسيرة الإسلامية التي يتحرك فيها المجتمع المسلم على أساس المسؤولية والمساواة بين أفراده في ما ينطلقون به من علاقات ، وما يعيشونه من تكافل وتضامن ومشاعر ، وهو خير لهم في الآخرة ، لأنه يمثل النجاة من عذاب الله ، والحصول على رضاه ، لأن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
* * *
الله لا يعجزه شيء
(وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) وأعرضتم عن هذه الدعوة المفتوحة الهادية ، وأصررتم على التمرّد ، في شعور طاغ بالقوّة والاستعلاء ، بأنكم قادرون على المواجهة ، وسائرون إلى النصر ، (فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) الذي لا يفوته أحد من خلقه ، مهما حاول الفرار ، في الدنيا والآخرة ، لأنه لا يفر من مكان إلى مكان آخر إلا وجد الله عنده في ذلك المكان ، لأنه مالك السموات والأرض ، فما ذا يملكون من قوّة ليواجهوا الله بها ، وهو خالق القوّة ، وهو المالك لكل ما يملكونه؟! وعليكم أن تدركوا هذه الحقيقة بوعي ، لئلا يخدعكم الخادعون