المسألة مسألة خير للناس ، في ما يريد لهم من نتائج إيجابية على مستوى الدنيا والآخرة ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) الذين يراقبون الله فيلتزمون بأوامره ونواهيه ، في ما يريد لهم أن يعملوه أو لا يعملوه.
* * *
الأشهر الحرم
(فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) وهي المدة التي حرّم القتال فيها وجعل الله للمشركين أن يسيحوا في الأرض آمنين ، لأن ذلك هو الظاهر من جوّ الآيات. أمّا ما ذكره بعضهم من أن المراد بها الأشهر الحرم المعروفة ، وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب ، فلا دليل عليه إلا من خلال كلمة «الحرم» التي تنصرف إلى هذه الأشهر ، في ما قيل ، ولكن القرائن المحيطة بالموضوع تصرف اللفظ إلى ما قلناه ؛ والله العالم. (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) بعد أن قامت عليهم الحجة وانتهى وقت الإنذار ، من دون أن يرجعوا إلى الحق والصواب (وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) وهو كناية ـ في ما يظهر ـ عن إغلاق الطرق عليهم ومحاصرتهم من جميع الجهات. وبذلك لا تكون القضية قضية التخيير بين القتل والحبس كما قيل ، بل قضية القتل فيمن وجد منهم من دون عناء ، وقضية الملاحقة فيمن هرب أو اختفى ، ليقام عليه حدّ الله بعد أخذه وحصره ، (فَإِنْ تابُوا) عن الشرك والتزموا بأحكام الإسلام ، (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) التي تمثل الإخلاص في عبادة الله والبعد عن كل شرك ، (وَآتَوُا الزَّكاةَ) التي توحي بالصدق في الالتزام ، لأن بذل المال يعبر عن معنى التضحية والعطاء والإخلاص لله ، (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) ولا تعرضوا لهم بسوء. وربما نستوحي من هذه الفقرة ، أن على المسلمين إذا أخذوا